وحارب عليهالسلام الكثير من البدع التي شاعت خلال عهد الخلفاء الذين سبقوه كالكهانة والتنجيم والتصوف وقصص المساجد والاسرائيليات وغيرها. فمن كلام له عليهالسلام قاله لبعض أصحابه لما عزم على المسير إلى الخوارج ، فقال له : « يا أمير المؤمنين ، إن سرت في هذا الوقت خشيت أن لا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم.
فقال عليهالسلام : أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء ، وتخوّف من الساعة التي من سار فيها حاق به الضرّ ؟! فمن صدّق بهذا فقد كذّب القرآن ، واستغنى عن الإعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه. وتبتغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربه ، لأنك بزعمك أنت هديته إلى الساعة التي نال فيها النفع ، وأمن الضرّ ـ ثم أقبل عليهالسلام على الناس فقال ـ : أيها الناس ، إيّاكم وتعلّم النجوم إلّا ما يهتدى به في برّ أو بحر ، فإنها تدعو إلى الكهانة ، والمنجم كالكاهن ، والكاهن كالساحر ، والساحر كالكافر ، والكافر في النار. سيروا على اسم الله » (١).
وقد استطاع عليهالسلام أن يصحح كثيراً من الانحرافات ، ويتدارك مزيداً من الإفراطات ، وأن يعيدها إلى صورتها الاُولى ، وتمهّل في بعضها بسبب ما وصفه من المداحض التي حالت دون ما يريد منتطراً استعادة وعي الاُمّة واستثارة الطاعة فيها ، « إذ لا رأي لمن لا يُطاع » كما يقول عليهالسلام (٢).
______________
(١) نهج البلاغة : ١٠٠ ـ الخطبة ٧٩.
(٢) نهج البلاغة : ٧١ ـ الخطبة ٢٧.