لعثمان : « وانظر هل بقي من عمرك إلّا كظمء الحمار ، فحتى متى وإلى متى ! ألا تنهى سفهاء بني أمية عن أعراض المسلمين وأبشارهم وأموالهم ! والله لو ظلم عامل من عمالك حيث تغرب الشمس لكان إثمه مشتركاً بينه وبينك.
قال ابن عباس : فقال عثمان : لك العتبى ، وافعل واعزل من عمالي كلّ من تكرهه ويكرهه المسلمون ، ثمّ افترقا ، فصدّه مروان بن الحكم عن ذلك ، وقال : يجترئ عليك الناس ، فلا تعزل أحداً منهم ! » (١).
وقد أعلن أمير المؤمنين عليهالسلام سياسته المالية القائمة على عدم الأثرة قبل البيعة ، وشدّد على أن يكون ذلك شرطاً أساسياً فيها ، وكأنه يعلم أن تلك السياسة ستكون سبباً من أسباب نكث البيعة من قبل الطبقة المتنفّذة من قريش.
قال عليهالسلام : « إنكم قد اختلفتم إلي ، وأتيتم وإني قائل لكم قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم ، وإلّا فلا حاجة لي فيه. قالوا : ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله ، فجاء فصعد المنبر ، فاجتمع الناس إليه ، فقال : اني قد كنت كارهاً لأمركم فأبيتم إلّا أن أكون عليكم ، ألا وأنه ليس لي أمر دونكم إلّا أن مفاتيح مالكم معي ، ألا وإنه ليس لي أن آخذ منه درهماً دونكم ، رضيتم ؟ قالوا : نعم. قال : اللهم اشهد عليهم ، ثم بايعهم على ذلك » (٢).
والأمر الآخر في هذا السياق هو قراره بردّ قطائع عثمان إلى
______________
(١) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٥.
(٢) تاريخ الطبري ٤ : ٤٢٨ ـ حوادث سنة ٣٥.