العمى والضلال اختياراً له ، فريضة على العارفين.
إنّ الله يرضى عمن أرضاه ، ويسخط على من عصاه. وإنا قد هممنا بالمسير إلى هؤلاء القوم الذين عملوا في عباد الله بغير ما أنزل الله ، واستأثروا بالفيء ، وعطّلوا الحدود ، وأماتوا الحق ، وأظهروا في الأرض الفساد ، واتخذوا الفاسقين وليجة من دون المؤمنين ، فإذا وليّ لله أعْظَمَ أحداثهم أبغضوه وأقصوه وحرموه ، وإذا ظالم ساعدهم على ظلمهم أحبّوه وأدنوه وبرّوه ، فقد أصرّوا على الظلم ، وأجمعوا على الخلاف. وقديماً ما صدّوا عن الحقّ ، وتعاونوا على الإثم وكانوا ظالمين.
فإذا أتيت بكتابي هذا فاستخلف على عملك أوثق أصحابك في نفسك ، وأقبل إلينا لعلك تلقى هذا العدو المحلّ ، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وتجامع الحقّ وتباين الباطل ، فإنّه لا غناء بنا ولا بك عن أجر الجهاد... وكتب عبد الله بن أبي رافع سنة سبع وثلاثين » (١).
٢ ـ مراسلات أمير المؤمنين عليهالسلام مع أعدائه الذين حاربوه واحتجاجاته عليهم ووصاياه إلى جنده ، تكشف عن حلمه وصفحه وحرصه على حقن دماء المسلمين ، وأنه تقيّل سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله في سيرته الحربية مع أعدائه ، بدافع إصلاح سنن الجهاد التي اندثرت بتمادي السنين.
قال ابن أبي الحديد : « وحاربه أهل البصرة وضربوا وجهه ووجوه
______________
(١) وقعة صفين : ١٠٤.