أولاده بالسيوف ، وشتموه ولعنوه ، فلمّا ظفر بهم رفع السيف عنهم ، ونادى مناديه في أقطار العسكر : ألا لا يتبع مولٍ ، ولا يجهز على جريح ، ولا يقتل مستأسر ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن تحيّز إلى عسكر الإمام فهو آمن. ولم يأخذ أثقالهم ، ولا سبى ذراريهم ، ولا غنم شيئاً من أموالهم ، ولو شاء أن يفعل كلّ ذلك لفعل ، ولكنّه أبى إلّا الصفح والعفو ، وتقيّل سنة رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم فتح مكة ، فإنه عفا والأحقاد لم تبرد ، والإساءة لم تنسَ » (١).
وعن عبد الله بن جندب ، عن أبيه : أن علياً عليهالسلام كان يأمرنا في كلّ موطن لقينا معه عدوه ، فيقول : « لا تقاتلوا القوم حتى يبدءوكم ، فهي حجة أخرى لكم عليهم ، فإذا قاتلتموهم فهزمتموهم فلا تقتلوا مدبراً ، ولا تجهزوا على جريح ، ولا تكشفوا عورة ، ولا تمثلوا بقتيل ، فإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا ستراً ، ولا تدخلوا داراً إلّا بإذن ، ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلّا ما وجدتم في عسكرهم ، ولا تهيجوا امرأة ، وإن شتمن أعراضكم ، وتناولن أُمراءكم وصلحاءكم » (٢). وقد صارت سيرته الحربية مع أهل القبلة أحكاماً عند جميع فقهاء المسلمين وما كانت تعرف لولاه عليهالسلام.
ولم يكن عليهالسلام يستعمل في حربه إلّا ما وافق الكتاب والسنة ، ولا يميل إلى استعمال المكيدة والبطش كما هو شأن أعدائه.
______________
(١) شرح ابن أبي الحديد ١ : ٢٣.
(٢) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٢٥ ـ ٢٦.