عزم وإصرار : « أيها الأمير ، إنا أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله وبنا يختم ، ويزيد رجل شارب الخمور ، وقاتل النفس المحترمة ، ومعلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله ، ولكن نصبح وتصبحون ، وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة » (١).
لقد أبت نفس الحسين عليهالسلام أن تبايع ليزيد ، فخرج عليهالسلام بعياله وأعزّته وأهل بيته وأنصاره الصادقين إلى مكّة ، بعد أن ألقى نظرة الوداع على قبر جدّه المصطفى صلىاللهعليهوآله ، فليس ثمّة أحد أحقّ بالنهضة لأجل إصلاح وتغيير الوضع المتردّي في الأُمة غير الإمام الحسين عليهالسلام ، فحدّد أولاً أهداف ثورته ، فكانت الدعوة إلى العمل بكتاب الله وسنة نبيه صلىاللهعليهوآله ، ومواجهة الجور والاستبداد ، وإحياء معالم الدين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وطلب الإصلاح في الاُمّة ، وكلها جاءت في جملة خطاباته التي هيّأ فيها للنهضة المباركة.
فكتب عليهالسلام إلى رؤوس الأخماس والأشراف بالبصرة كتاباً مع مولى له يقال له سليمان ، جاء فيه : « قد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب ، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلىاللهعليهوآله ، فإن السنّة قد أُميتت ، وإن البدعة قد أحييت ، وإن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري ، أهدكم سبيل الرشاد ، والسلام عليكم ورحمة الله » (٢).
______________
(١) الفتوح لابن أعثم ٥ : ١٤ ، مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي ١ : ١٨٤.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٣٥٧.