المعاصي كبيرها وصغيرها قبل النبوّة وبعدها ، وذهب الحشوية والأشاعرة إلى جواز فعل الكبائر قبل النبوّة ، ومنهم من ذهب إلى جوازها في حال النبوّة سوى الكفر والكذب فيما يتعلّق بتبليغ الشريعة ، ويستدلون على ذلك بظواهر بعض الآيات القرآنية ، وجوّز المعتزلة صغائر الذنوب على الأنبياء.
وقدم أئمة أهل البيت عليهمالسلام بياناً شافياً لجميع الآيات التي يظهر منها نسبة الخطأ أو المعصية للأنبياء عليهمالسلام ، وأماطوا الستار عن المعاني الحقيقية لتلك الآيات.
ومن ذلك ما رواه الحسن الصيقل ، قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنا قد روينا عن أبي جعفر عليهالسلام في قول يوسف عليهالسلام : ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) (١) ، فقال : والله ما سرقوا وما كذب ، وقال إبراهيم عليهالسلام : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ) (٢) ، فقال : والله ما فعلوا وما كذب.
قال : فقال أبو عبد الله عليهالسلام : ما عندكم فيها يا صيقل ؟ قال : فقلت : ما عندنا فيها إلّا التسليم ، قال : فقال : إن الله أحبّ اثنين ، وأبغض اثنين : أحبّ الخطر فيما بين الصفّين ، وأحبّ الكذب في الاصلاح ، وأبغض الخطر في الطرقات ، وأبغض الكذب في غير الاصلاح ، إن إبراهيم عليهالسلام إنما قال : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا ) إرادة الاصلاح ودلالة على أنهم لا يفعلون ، وقال
______________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ٧٠.
(٢) سورة الأنبياء : ٢١ / ٦٣.