بالعبادات ، ومهما كان السبب فان حركة الغلو من المعاول الهدامة التي تشكل خطورة بالغة على الفكر الإسلامي ، وهي ظاهرة طارئة نشأت بدعم موجّه من قبل أعداء الإسلام الذين ما انفكوا يتربصون به الدوائر ، ليسلبوا مبادئه من نفوس أبنائه ، ويشوّهوا مفاهيمه ومعتقداته.
لذلك اتخذ الأئمّة الأطهار عليهمالسلام وشيعتهم مواقف شديدة من الغلو والغلاة ، لقطع الطريق أمام هذا المدّ الفكري الهدّام ، وسد جميع المنافذ أمام الغلاة ، ومحاربتهم بكلّ ما بوسعهم من عناصر القوة والامكان ، للحيلولة دون انتشار أفكارهم الهدامة ، فبينوا أن الغلو كفر وشرك وخروج عن الإسلام ، وتبرءوا من الغلاة ولعنوهم ، وحذّروا شيعتهم منهم ، وكشفوا عن تمويهاتهم وافتراءاتهم ، وردّوا على أباطيلهم ، لتصحيح المسار الإسلامي بكل ما حوى من علوم ومعارف واتجاهات ، والحفاظ على الخط الرسالي الأصيل.
قال أميرالمؤمنين عليهالسلام في حديث الأربعمائة : « إياكم والغلو فينا ، قولوا : عبيد مربوبون ، وقولوا في فضلنا ما شئتم ، من أحبنا فليعمل بعملنا ، وليستعن بالورع » (١).
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : « لعن الله من قال فينا ما لا نقوله في أنفسنا ، لعن الله من أزالنا عن العبودية لله الذي خلقنا ، وإليه مآبنا ومعادنا ، وبيده نواصينا » (٢).
______________
(١) الخصال : ٦١٤ / ١٠.
(٢) رجال الكشي : ٣٠٢ / ٥٤٢.