قبل إلقاء الاحتمال ، ووصفه عليهالسلام بقوله : إنّه رجل يفهم إذا سمع. فصار التلميذ إلى الكندي ، وألقى إليه ذلك الاحتمال ، فتفكر في نفسه ، ورأى أن ذلك محتمل في اللغة ، وسائغ في النظر.
فقال : أقسمت عليك إلّا أخبرتني من أين لك هذا؟ فقال : إنه شيء عرض بقلبي فأوردته عليك. فقال : كلا ، ما مثلك من اهتدى إلى هذا ، ولا من بلغ هذه المنزلة ، فعرّفني من أين لك هذا ؟ فقال : أمرني به أبو محمد. فقال : الآن جئت به ، وما كان ليخرج مثل هذا إلّا من ذلك البيت. ثم إنّه دعا بالنار وأحرق جميع ما كان ألفه (١).
ومن المفاهيم المغلوطة التي أسهم أهل البيت عليهمالسلام في فضحها وتعريتها ، وتوجيهها في المسار الصحيح ، هو سلوك المتصوفة في الزهد واظهار التقشف والانقطاع عن الحياة.
قال العلاء بن زياد الحارثي لأمير المؤمنين عليهالسلام : « يا أمير المؤمنين ، أشكو إليك أخي عاصم بن زياد ، قال : وماله ؟ قال : لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا. قال : عليَّ به. فلما جاء قال : يا عديّ نفسه ، لقد استهام بك الخبيث ، أما رحمت أهلك وولدك. أترى الله أحلّ لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها ؟! أنت أهون على الله من ذلك » (٢).
ودخل على علي بن موسى الرضا قوم من الصوفية فقالوا :
______________
(١) المناقب / ابن شهرآشوب ٤ : ٤٥٧.
(٢) نهج البلاغة : ٣٢٤ ـ الخطبة ٢٠٩.