« ... الإمامة تحتاج إلى من يأكل الخشن ويلبس الخشن ويركب ويعود المريض ويشيع الجنائز ، فقال عليهالسلام : كان يوسف بن يعقوب نبياً فلبس أقبية الديباج المزركشة بالذهب ، والقباطي المنسوجة بالذهب ، وجلس على متكآت آل فرعون ، وحكم وأمر ونهى ، وإنما يراد من الإمام قسط وعدل ، إذا قال صدق ، وإذا حكم عدل ، وإذا وعد أنجز ، إن الله لم يحرّم ملبوساً ولا مطعوماً ، وتلا قوله : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) » (١).
ونهى الإمام الهادي عليهالسلام أصحابه وسائر المسلمين عن التواصل مع الصوفية والاختلاط بهم ، لأن زهدهم لم يكن حقيقياً وإنما لاراحة أبدانهم ، وأن تهجدهم في الليل لم يكن نسكاً وإخلاصاً في طاعة الله تعالى ، وإنما هو وسيلة لصيد أموال الناس وإغوائهم ، وأن أورادهم ليست عبادة خالصة لله بل هي رقص وغناء ، وأن أتباعهم هم الحمقى والسفهاء (٢).
واستفحلت حركة الزندقة في العصر العباسي ، وتعددت مقولاتهم ، فمنهم من يقول بالتناسخ وقدم الدهر ، ومنهم من يقول بالثنوية ، وإذا كان الحاكم قد أفرط في استعمال القوة ضد هذا التيار المدمر ، فان أهل البيت عليهمالسلام قد أمعنوا النظر في اتباع المنطق العقلي معهم واستعمال لغة
______________
(١) الفصول المهمة : ٢٥١ ، والآية من سورة الأعراف : ٧ / ٣٢.
(٢) راجع : حديقة الشيعة / الأردبيلي : ٦٠٣ ، الاثنا عشرية / الحر العاملي : ٢٩.