شرائط ، وبالأحرى إنما هي دواع للجعل ، فلا تكون فعلية الحكم متوقفة على وجودها الخارجي ، بل يكون الحكم فعليا بمجرد إنشائه الناشئ عن علم الآمر بوجود تلك الامور في مواطنها ، ولا يكون المؤثر في فعلية الحكم هو وجودها الخارجي بل يكون المؤثر هو وجودها العلمي ، فيمكن أن يكون المتأخر وهو مجيء الضيف غدا داعيا لاصدار تكليف إلى العبد بالاستعداد له ، بخلاف القضية الحقيقية فان الشرط فيها إنما يكون سببا للمجعول ، وبالأحرى هو موضوع للمجعول فيستحيل تأخره أو تقدمه ويكون بوجوده الخارجي مؤثرا ، ويتأتى فيها النزاع في كون المجعول ما هو هل هو السببية كما قيل ، أو هو المسبب عند وجود السبب كما هو المختار ، وهذا بخلاف القضية الخارجية فان السبب فيها كما عرفت لا يكون إلاّ بمعنى الداعي على الجعل ، ولا معنى للقول بأن داعويته هي المجعولة بل لا يكون المسبب فيها إلاّ الجعل.
والخلاصة : لا يكون هناك جعل في السبب الذي هو الداعي ولا في المسبب الذي هو نفس الجعل ، ولا يكون ذلك إلاّ من قبيل تأثير الدواعي في الأفعال الاختيارية ، وذلك لا يكون بتصرف من الشارع ، بل لا يكون التأثير لهاتيك في تلك الارادة الصادرة عنها المتعلقة بذلك الفعل إلاّ تأثيرا واقعيا ، فلا معنى للنزاع فيها في أن المجعول هو المسبب أو السببية ، فلاحظ.
وكان الأولى جعل هذا الثالث من جملة ما تقدم من موارد الخلط بين القضايا الخارجية والقضايا الحقيقية ، فيقال إن البحث في كون المجعول هو المسبب أو أن المجعول هو السببية إنما يتأتى في القضايا الحقيقية دون