وجوب النظر في العقائد على الصبي المزبور ، فتأمل.
وأما ما افيد من مقايسة المقام بالارادة في صورة حفظ الماء للعطش ، فعلى الظاهر أنه مسلّم ، لكن كان ذلك المريد لحفظ الماء هو صاحب ملاك ذي المقدمة الذي هو شرب الماء عند العطش ، فيلزمه إرادة الماء من باب المحافظة على ذلك المراد المتأخر ، فتلك الارادة المتعلقة بحفظ [ الماء ](١) تكون بازاء إرادة الشارع فعل المقدمة السابقة من باب متمم الجعل ، فتأمل.
والحاصل : أن قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا إنما هي مسوقة لبيان أن من امتنع عليه الفعل الواجب وكان امتناعه عليه بسوء اختياره كان مستحقا للعقاب ، فالمدار فيها على تنجز التكليف وفعليته في حقه بحيث صار بدرجة استحقاق العقاب على مخالفته ، وقد صيّر نفسه بسوء اختياره غير قادر على امتثاله ، فلا بد أن يكون سلب القدرة عن نفسه بسوء اختياره واقعا بعد فعلية ذلك التكليف في حقه ، وليست هي قاعدة شرعية كي يتمسك باطلاقها لما إذا جعله ممتنعا في حقه قبل وصول ذلك التكليف إلى درجة الفعلية في حقه ، وإنما هي حكم عقلي في مورد استحقاق العقاب على المخالفة ، وأن هذه المخالفة الناشئة عن الامتناع الناشئ عن سوء الاختيار لا توجب رفع استحقاق العقاب على تلك المخالفة.
نعم ، بعد فرض حكم الشارع بلزوم تلك المقدمة ولو من باب متمم الجعل يكون موردا لهذا الحكم العقلي ، وهذا الحكم الشرعي لا يمكننا أن نشرّعه من قبل أنفسنا ولو من باب أن الشارع يلزمه المحافظة على ملاكات الأحكام ، لأن ذلك ـ أعني لزوم محافظة الشارع على ملاكات الأحكام ـ تابع
__________________
(١) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة ].