الاستقبالية ، أعني كونه بحيث يتوجه إليه التكليف النفسي فيما بعد وهذا النحو من العناوين الانتزاعية لا يتوقف على وجود المنتزع منه ، بل هو كما عرفت فيما تقدم (١) في بعض مباحث الشرط المتأخر من لوازم تحقق النسبة الخبرية الاستقبالية ، فانّ من يكلّف فيما بعد بتكليف ينطبق عليه فعلا أنه مكلف في الاستقبال. ولا تنافي بين كون الحمل فعليا والمحمول هو حاصل النسبة الاستقبالية ، فان من يقوم غدا ينطبق عليه فعلا أنه قائم في غد انطباقا حقيقيا على أن يكون « الآن » قيدا وظرفا للنسبة الحملية التطبيقية و « الغد » قيدا وظرفا للنسبة الوقوعية ، على ما حرر في المشتق (٢) من أن الاستقبال لو اخذ ظرفا للحدث أعني باعتبار نسبته الوقوعية يكون حمل العنوان المأخوذ منه منطبقا فعلا على الذات انطباقا حقيقيا.
ولا يخفى أنّ هذه الطريقة في أخذ العنوان المنتزع ممّا هو متأخر شرطا فيما هو متقدم جارية في كل ما نضطر إليه من هذا القبيل ، مثل ما سيأتي (٣) في كيفية وجوب الصوم بناء على كون الامساك في الجزء الأول من النهار مشروطا وجوبه ببقاء الشرائط في الجزء الأخير منه ، إذ لا محيص لنا حينئذ من أن نقول إن الشرط هو كون المكلف يبقى على حالته إلى آخر النهار.
وممّا ينبغي الالتفات إليه أنه قدسسره في حواشيه على التيمم من العروة (٤) منع من الاراقة وأجاز إبطال الوضوء ولو بعد دخول الوقت ، وذلك لا يخلو
__________________
(١) بل فيما سيأتي في صفحة : ١٣ من المجلّد الثالث من هذا الكتاب.
(٢) في صفحة : ٢٤٤ من المجلّد الأول من هذا الكتاب.
(٣) بل فيما تقدم في صفحة : ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٤) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدة من الفقهاء ) ٢ : ١٦٨ / المسألة ١٣.