لأنّ زيادة المئونة في مقام اللحاظ إنما تنفع لو كانت موجبة لزيادة المئونة في مقام الاثبات وفي عالم الدلالة وعالم الحكاية اللفظية ، فانه حينئذ يمكن التمسك بالاطلاق اللفظي على عدمها ، أما إذا كانت مقصورة على مقام اللحاظ فقط فلا مورد فيها لأصالة الاطلاق. نعم يمكن الاعتماد في نفيها على أصالة العدم وذلك مطلب آخر غير التمسك بالاطلاق اللفظي ، والاعتماد عليه في المقام في غاية الاشكال ، مضافا إلى ما عرفت من أنّ المقام من قبيل التباين لا من قبيل الأقل والأكثر لحاظا ، فتأمل.
ثم لا يخفى أن هذا كلّه بناء على طريقة الشيخ قدسسره (١) في كون القيد في الواجب المشروط قيدا للمادة بلحاظ النسبة الطلبية ، وأما بناء على مسلك المشهور من رجوع القيد ابتداء إلى مفاد الهيئة فالتمسك باطلاق الهيئة عند التردد واضح ، لأنّ الاطلاق في ناحية الهيئة حينئذ بلا مزاحم لسقوط إطلاق المادة ، إما لكونها هي المقيدة أو لكون المقيد هو الهيئة الموجب لتقييد المادة وانحصارها بمورد وجود القيد انحصارا قهريا ، وحيث قد سقط التمسك باطلاق المادة كان إطلاق الهيئة باقيا بحاله بلا مزاحم ، هذا في القيد المنفصل. والظاهر أنه كذلك في القيد المتصل ، إلاّ أن يدعى أن اتصال القيد يوجب الاجمال في ناحية الهيئة أيضا ، فلاحظ وتأمل.
وأما ما افيد (٢) من التمسك باطلاق القيد على عدم أخذه مفروض الوجود ، فيمكن التأمل فيه من جهة ابتنائه على كون الفرق بين قيد الوجوب وقيد الواجب بعد فرض تساويهما في الرجوع إلى نفس المادة في حال طروّ الطلب عليها ، بأن الأوّل مأخوذ مفروض الوجود بخلاف الثاني ،
__________________
(١) كما تقدم استظهاره في صفحة : ١٩ وما بعدها.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٣٤١.