بالتأكد في كل من القسمين ، ومجرد تغيير العبارة بجعل الحسن الذاتي في الأوّل مقدّما في الذكر على كونه مقدمة لواجب آخر وجعل كونه مقدمة مقدما في الذكر في القسم الثاني على كونه ذا عنوان حسن ، لا يوجب تغييرا في أصل المطلب أعني كون الفعل مضافا إلى حسنه الذاتي مقدمة لواجب آخر ، وحينئذ لا بدّ من الالتزام بأن ذلك الفعل يكون مجمعا لكل من الوجوبين ، هذا أوّلا.
وثانيا : أنّ ظاهره هو أن الفعل يكون في حد نفسه ذا عنوان حسن ، وأنه بواسطة ذلك العنوان يمدح فاعله ويذم تاركه ، هذا قبل تعلق الوجوب الشرعي به ، وأن ملاك هذا الوجوب الشرعي هو حسنه الذاتي الموجب لمدح فاعله وذم تاركه مع قطع النظر عن تعلق الايجاب الشرعي به ، وليس لنا من الواجبات الشرعية ما يكون كذلك أعني أنه يمدح فاعله ويذم تاركه مع قطع النظر عن تعلق الوجوب الشرعي إلاّ ما يقال من مثل حسن الاحسان ، وأين ذلك من جميع الواجبات النفسية عبادية كانت أو توصلية ، وظاهره أن جميع الواجبات تكون كذلك من جهة الالتزام بترتب المصالح عليها ، وأنه قدسسره يلتزم بوجوب تلك المصالح ويريد أن يقول إنه لا منافاة بين كون تلك الأفعال مقدمة لتلك المصالح اللازمة وبين كونها واجبة نفسيا لكونها معنونة بعنوان حسن ، لأنه قدسسره يريد أن يجمع بين كون تلك الأفعال واجبة نفسيا وبين كونها مقدمة لواجب آخر ، وهو الفائدة المترتبة عليها أعني المصالح الحاصلة من تلك الأفعال.
وثالثا : أن الحسن الذاتي للفعل منحصر بترتب المصلحة على ذلك الفعل ، فلو لا تلك المصالح المترتبة على تلك الأفعال لم تكن معنونة بعنوان حسن يقتضي إيجابها نفسيا. وبعبارة أخرى أن المقتضي للوجوب النفسي