وهي أن الوجوب الغيري يكون أشبه شيء بالطريقي ، بمعنى أنّ الغسل الواجب لو كان وجوبه غيريا لا يكون منظورا إليه بنفسه ، بل بما أنّه طريق للوصول إلى الصلاة المقيدة بالغسل ، وظاهر إطلاق الأمر هو كون المأمور به منظورا بنفسه لا بما أنه آلة موصلة إلى الغير الذي هو الواجب النفسي ، أعني الصلاة المقيدة بالغسل.
والذي يترجح في النظر القاصر هو تعين هذه الطريقة في الحكم بكون الوجوب نفسيا عند الشك في كونه نفسيا أو غيريا ، لسلامتها من الاشكالات السابقة على الطرق المتقدمة ، فراجع وتأمل.
ويمكن أن يقال : إن هذه الطريقة مأخوذة مما أفاده شيخنا قدسسره فيما حررته عنه (١) عند الكلام على ترتب الثواب على امتثال الأمر الغيري ، وهذا نصه : وهو أن ترتب الثواب على الامتثال استحقاقا أو وعدا وتفضلا إنما هو في الأمر النفسي دون الغيري ، لما هو واضح من أن الترتب المذكور إنّما يكون لاحقا للاطاعة بالمعنى الأخص أعني الاتيان بمتعلق الأمر بداعيه ، وإنما يمكن أن يؤتى بمتعلقه بداعي الأمر الذي ناله من تعلق الأمر النفسي بما هو مركب منه أو مشروط به.
وتوضيح ذلك : أنّا قد تقدم منا تحقيق الفرق بين الأمر النفسي والأمر الغيري ، وقلنا إن الأول مطلق والثاني مقيد بأنه للغير بحيث إن هذا القيد كان داخلا في هويته ، على وجه يكون الأمران مختلفين بالهوية من جهة كون متعلق الأول في عالم تعلق الأمر به ملحوظا في نفسه ، فلا يكون الأمر به مقيدا بأنه لأجل الغير ، ومتعلق الأمر الثاني كان ملحوظا في عالم تعلق الأمر
__________________
(١) في صفحة : ٢٢٦ [ منه قدسسره ، ويقصد به تحريراته المطبوعة ].