لأصالة البراءة من القيدية. والظاهر أن ما نحن فيه من مثال الاقامة والجهر من هذا القبيل في عدم اشتمال القيدية على كلفة زائدة على أصل الالزام الجامع بين النفسية والغيرية.
وخلاصة البحث : أنّ قيد التقدم ربما كان زائدا على أصل وجوب الشيء كما في صلاة الظهر ، فانّها واجبة بنفسها وقيد لصلاة العصر ، فتكون الجهة الغيرية زائدة على أصل الوجوب. لكن ما نحن فيه ليس الأمر كذلك فان مقابل الوجوب النفسي للوضوء أمر واحد بسيط وهو وجوب تقدمه على الصلاة ، فيتعارض فيه الأصلان.
نعم ، لو كان المقابل للوجوب النفسي أمرا مركبا وهو الوجوب الغيري مع كونه متقدما على الصلاة يكون الوجوب الغيري في قبال النفسي مع جهة زائدة فيه وهي وجوب تقدمه على الصلاة ، لأمكن الرجوع في ذلك الأمر الزائد إلى البراءة.
والحاصل : أنّ المقابل للنفسية إن كان هو مطلق القيدية بالأعم من التقدم والتأخر والتقارن فمن الواضح أنّه لا مورد فيه للبراءة ، وكذلك الحال فيما لو كان المقابل للنفسية هو اعتبار نفس التقدم ، بحيث يكون الوجوب الغيري منصبا على نفس التقدم. نعم لو كان المقابل للنفسية هو نفس التقييد وكان لذلك التقييد جهة زائدة وهي التقدم ، لأمكن الرجوع إلى البراءة في تلك الجهة الزائدة ، وكانت النتيجة هي أنه لا بد من الاتيان بالوضوء لكنه مخير بين التقدم والتأخر والمقارنة ، ولو تركه بالمرة يلزمه إعادة الصلاة ، لأنّ أصل القيدية لم تجر فيه البراءة وكانت منجزة ، فتأمل.
ولو كان الأمر بالعكس بأن كانت النفسية المحتملة مقيدة بأن يكون محله في أثناء الصلاة ، بخلاف الغيرية فان محلّه يكون هو الأعم من كونه