في أولها أو وسطها أو آخرها ، كانت البراءة جارية في قيد النفسية وكانت النتيجة موافقة للغيرية.
ومن ذلك تعرف أنّ محل الكلام هو القيد الزائد على أصل الالزام أعني خصوص التقدم أو التأخر أو التقارن ، فما كان محله معيّنا كالاقامة ونحوها مما تقدم ذكره لا مدخل له في محل النزاع ، إذ ليس في البين جهة زائدة في احتمال الغيرية ولا في احتمال النفسية كي تكون موردا للبراءة.
نعم ، في صورة الترك نسيانا لعلنا نقول إن الاقامة لو كانت قيدا في الصلاة بحيث كانت صحة الصلاة مقيدة بها لكانت صلاته باطلة فيلزمه إعادتها ، بخلاف ما لو كانت واجبة نفسيا فيمكننا إجراء البراءة في الغيرية باعتبار هذا الأثر ، فالاقامة وإن لم يمكن إجراء البراءة فيها للعلم باستحقاق العقاب على تركها ، لكن تقيد الصلاة بها القاضي ببطلان الصلاة عند تركها لمّا كان مجهولا كان من الممكن إجراء البراءة فيه ، وهذه الطريقة يمكن إجراؤها في صورة الترك عمدا وعصيانا ، فتأمل.
بل لو تمت هذه الطريقة أعني جعل مصب البراءة هو التقيد ـ تقيد الصلاة بالاقامة مثلا ـ لا نفس القيد بل ولا نفس التقييد الراجع محصله إلى نفي القيد ، لأمكننا الرجوع إلى البراءة في مورد الشك في الوضوء ، وهل هو نفسي أو أنّه واجب غيري ، وصببنا الوجوب الغيري على نفس التقدم ليكون المحصّل هل الوضوء واجب بنفسه أو أنّ الواجب تقدمه لكون الصلاة مقيدة بتقدمه لا بنفسه ، اذ يمكننا أن نقول إن تقيد الصلاة بالتقدم مجهول فيمكن رفعه بالبراءة ، ولعل التعبير في الطبعة الاولى (١) بالتقيد إيماء
__________________
(١) [ أي الطبعة القديمة غير المحشاة من أجود التقريرات ، صفحة : ١٤٣ ].