نعم ، يمكن أن يقال : إن الوجوب الغيري في صورة النسيان يكون له أثر زائد على أصل الوجوب ، وذلك فيما لو كانت الغيرية على تقديرها معتبرة على نحو الركنية بحيث إنها لا تسقط في صورة النسيان ويكون لازمها البطلان ، فانه يمكننا إجراء البراءة من الغيرية باعتبار هذا الأثر الموجب للضيق على المكلف ، وحينئذ يسقط الوجوب النفسي بسقوط محلّه ، ولا يكون الرجوع إلى البراءة مختصا بخصوص ما لو كان الوجوب الغيري المحتمل ساقطا بالنسيان ، بل تجري البراءة فيما لو كانت الغيرية على تقديرها على نحو الركنية بحيث لا تسقط بالنسيان وتكون موجبة للبطلان ، فتجري البراءة فيها من هذه الجهة من الضيق على المكلف وإن لم تكن جارية في ذات الوجوب.
قوله : نعم ، هناك جهة اخرى للشك والنتيجة معها للنفسية ، وهي الشك في أنّ الوضوء قبل الوقت يسقط عن الوضوء فيما بعد الوقت أم لا. وبعبارة اخرى يكون الشك في أنّ وجوب الوضوء بعد الوقت مطلق أو مختص بمن لم يتوضأ قبله ، ومقتضى البراءة هو عدم الوجوب بالاضافة إلى المتوضئ قبله ... الخ (١).
الظاهر أنّ الشك من هذه الناحية يكون من قبيل الشك في المسقط ، وما افيد من التكلف في إرجاعه إلى البراءة بصرف الشك إلى الشك في وجوب الوضوء على من توضأ قبل الوقت لم يخرجه عن الشك في المسقط ، لأنّ الشك في وجوب الوضوء بالاضافة إلى من كان قد توضأ قبل الوقت ليس شكا في وجوب جديد ، وإنّما المشكوك هو ذلك الوجوب
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٤٩ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].