اللهم إلاّ أن يقال : إن الأمر النفسي المتعلق بذي المقدمة وإن لم يكن متعلقا بنفس المقدمة إلاّ أنّه لا مانع من كون حركة المكلف نحو المقدمة بتحريك ذلك الأمر النفسي المتعلق بذي المقدمة ، بحيث يكون انبعاثه نحو المقدمة بتحريك الأمر المتعلق بذيها ، بأن كان قصده من فعلها هو التوسل بها إلى فعل ذيها ، وهذا المقدار من الداعوية يكفي في ترتب الثواب عند الشروع في المقدمة ، لكنه ليس على نفس المقدمة بل إنما الثواب على ذيها ، وإن كان فعلها موجبا لكثرة الثواب على ذيها باعتبار كونه شاقا على ما مرّ شرحه (١) ، لكنه لا يوجب عبادية تلك المقدمة ، ويكون غرض شيخنا من ذلك هو بيان مجرد تصحيح الثواب لا تصحيح العبادية ، وتكون نسبة كونه مصححا للعبادة إليه اشتباها. والشاهد على ذلك هو التوسعة التي نقلناها (٢) عنه في مسألة الثواب إلى المقدمة العقلية والعادية وتنصيصه في توجيه العبادية على خصوص المقدمة التي تكون شرطا شرعيا.
نعم ، يمكن أن يقال بكون ذلك ـ أعني قصد التوسل الذي هو عبارة عن الاتيان بالمقدمة بداعي الأمر بذيها ـ كافيا في عباديتها ، إذ ليست العبادة إلاّ ما يؤتى بها بداعي الأمر سواء كان ذلك الأمر متعلقا بها بنفسها أو كان متعلقا بما يتوقف فعله على وجودها ، فتأمل.
ولكنه لا يخلو عن إشكال ، فالأولى هو الاعتماد في تصحيح عبادية مثل الطهارات على ما أفاده من الأمر الشرطي الذي نالها من الأمر بالفعل المشروط بها ، من دون فرق في ذلك بين أن نقول إن الشرط هو نفس تلك
__________________
(١) في صفحة : ١٩٧.
(٢) في صفحة : ١٩٩ [ وتقدم في صفحة : ١٩٨ ـ ١٩٩ ما استظهر منه أن العبادية ناشئة من الأمر الشرعي الشرطي ].