أفتى المشهور بصحة الوضوء أو الغسل بقصد الجهة الاستحبابية وإن اندك ما اقتضته من الطلب الاستحبابي في الوجوب الغيري.
إلاّ أنا لا نعني من الطلب الغيري في ذلك هو الطلب الصوري الذي هو في الحقيقة لا واقعية له ، أعني المتولد من تعلق الأمر النفسي بما يتوقف على تلك الطهارات من العبادات ، فان ذلك لا يعقل أن يندك فيه الطلب الاستحبابي كما سيأتي شرحه إن شاء الله تعالى.
بل المراد به هو ذلك الوجوب النفسي المتعلق بهذه المقدمات أعني ما نالها من الوجوب النفسي المتعلق بما يتوقف عليها ، الذي ذكرنا أنه هو المصحح لعبادية تلك المقدمات وهو المنشأ في ترتب الثواب عليها ، ولنصطلح على هذا الطلب بالطلب الشرطي النفسي وقد عبرنا عن هذا الطلب بأنه غيري كما لم نزل نعبّر عن الأمر المتعلق بالجزء وعن النهي المتعلق بالمانع بأنه طلب غيري ، فليس مرادنا بالغيرية هو ذلك المعنى أعني ما يكون متولدا عن تعلق الأمر النفسي بالمركب والمشروط ، بل المراد بها في قبال النفسية الاستقلالية ، ونعني بذلك أن الطلب المتعلق بهذه الامور ليس هو بطلب استقلالي على وجه تكون مطلوبة بنفسها مستقلا كسائر المطلوبات ، بل إنّها إنما تعلق بها ذلك الطلب لتنشأ عنه الجزئية فيما يكون جزءا والشرطية فيما يكون شرطا والمانعية فيما يكون مانعا ، وإلاّ فان ذلك الطلب نفسي لا غيري بالمعنى السابق.
وبالجملة : أن مرادنا من الوجوب الغيري فيما تقدم من قولنا إن الطلب الاستحبابي يندك به ويتحد معه هو ذلك الوجوب النفسي الضمني المتعلق بالشرط أعني المقدمات المذكورة ، ولنعبّر عنه بالوجوب النفسي الشرطي. وينبغي أن يعلم أنه لا أثر لاندكاك الاستحباب النفسي في هذا