الطلب الوجوبي الشرطي النفسي إلاّ صيرورتهما طلبا واحدا وجوبيا ، فيكون الأول مكتسبا من الثاني صفة الوجوب ، أما النفسية والعبادية فكل منهما واجد لها ، فلا يكون أحدهما مكتسبا لها من الآخر ... إلخ.
قوله : مع أنه يصح الاتيان بجميع الطهارات بقصد الأمر النفسي المتعلق بذيها من دون التفات إلى الأمر النفسي المتعلق بها ثالثا ، فليس حالها حال صلاة الظهر والصوم ... الخ (١).
أفاد قدسسره فيما حررته عنه : أن عبادية الفعل بالقياس إلى أمر إنما تتحقق إذا كان هو الداعي على الاتيان بذلك الفعل ، ولا يكون داعيا إلاّ إذا كان معلوما وملتفتا إليه بنفسه مقصودا بذاته ليكون باعثا ومحرّكا على الاتيان بذلك الفعل ، فكيف يعقل أن يكون ذلك الأمر الاستحبابي النفسي باعثا ومحرّكا على الاتيان بتلك الأفعال مع كونه غير معلوم بنفسه وغير مقصود بذاته وإنما يقصد إجمالا. مضافا إلى أنه غالبا يكون مغفولا عنه بالمرّة وغير ملتفت إليه بتاتا ... الخ.
قلت : بل يمكن أن يقال : إن ذلك الأمر النفسي المتعلق بالوضوء مثلا لو كان معلوما وملتفتا إليه لكن المكلف أتى بالوضوء بداعي أمره الغيري ، لم يكن ذلك الأمر النفسي مصححا لعبادية الوضوء ، لأن المكلف وإن كان عالما وملتفتا إلى أن الوضوء مستحب نفسا إلاّ أنه لم يأت به بداعي استحبابه النفسي ، وإنما أتى به بداعي أمره الغيري ، فأقصى ما فيه أنه أتى بذلك الوضوء الموصوف عنده بكونه مستحبا نفسيا بداعي أمره الغيري ، فلم يكن المحرك والداعي هو أمره الاستحبابي النفسي ، بل كان الداعي هو
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٥٤ ـ ٢٥٥.