الجعل ، غاية الأمر أنّا نلتزم بكون الأمرين من باب متمم الجعل ، فان الأمر الغيري بما أنه صوري وطريقي لا ينفع ، وفي الحقيقة ليس هو بأمر حقيقي ، فلا بدّ للآمر أن يتصدى لجعل الأمر الغيري تكميلا للأمر المتعلق بالصلاة المقيدة بالطهارة العبادية ، ثم بعد جعل هذا الأمر الذي نسميه بالأمر النفسي للغير يتصدى للأمر بالاتيان بمتعلقه أعني الطهارة بداعيه لا بداع آخر ، فالأمر الثاني المتعلق بالطهارة يكون متمما لجعل الأمر الأول المتعلق بالصلاة المقيدة بالطهارة التي هي عبادة ، والأمر الثالث يكون متمما لجعل الأمر الثاني ، فلاحظ وتأمل.
قوله : فان قلت : ما الفرق بين الطهارات الثلاث وبين بقية الشروط في أن الأمر النفسي ... إلخ (١).
إذ لا ريب في أن من توجه إلى القبلة غفلة عن أصل اشتراط الصلاة بذلك أو جاهلا به لكنه صادفها تصح صلاته ، وهكذا لو كان جاهلا بشرطية ستر العورة لكنه اتفاقا ستر عورته وصلى ، وهذا المعنى وإن تأتى نظيره في الطهارة كالغسل من الجنابة أو الوضوء مثلا لمن كان جاهلا بكونه شرطا في صحة الصلاة لكنه أتى به بداع آخر مصحح له ، إلاّ أن الفرق بينهما أنه فيما لم يأت به بداع آخر مصحح بأن فعل أفعال الوضوء أو الغسل غفلة فانها لا تصح ، بخلاف ما لو تستر أو صلى إلى القبلة غفلة فانها تصح.
وبالجملة : أن الشرطية كما حقق في محله (٢) ليست هي مجعولة ابتداء وإنما هي منتزعة من التكليف ، وذلك التكليف الذي هي منتزعة عنه
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٥٦ ـ ٢٥٧.
(٢) فوائد الاصول ٤ : ٣٩٢ ـ ٣٩٣ ، وتأتي حواشي المصنّف قدسسره عليه في المجلّد التاسع.