فانه إنما يتم الاندكاك فيه إذا كان النذر متعلقا بنفس النافلة ، أما إذا كان متعلقا بامتثال أمرها الندبي ويعبّر عن ذلك بالتعبد بالنافلة ، فلا ريب في اختلاف المتعلقين حينئذ فلا يعقل الاندكاك فيه ، هذا ما كنت حررته.
وأجاب قدسسره ـ فيما حررته عنه ـ عن هذا الأخير : بأن النذر لا يمكن تعلّقه بامتثال الأمر المندوب بعنوان كونه مندوبا ، لأنه غير مقدور بعد النذر كما هو المعتبر فيه.
وفيه تأمل ، إذ لا مانع من كون الامتثال لازما بتكليف آخر ، مع أن التكليف الممتثل ليس إلزاميا مثل أمر السيد عبده بامتثال المستحبات ، وإنما يسلم بطلان مثل هذا النذر لما أفاده قدسسره من أن متعلقه وهو امتثال الأمر الندبي غير مقدور بعد تعلق النذر ، ولا ريب أن ذلك إنما لا يكون مقدورا لأجل عدم بقاء ذلك الأمر على صفة الندب ، وعدم بقائه إنما ينشأ عن الانقلاب والاندكاك وهو غير مسلّم ، بل لا يمكن جريانه في هذه الصورة من جهة اختلاف المتعلق فكيف يمكن جعله علة للبطلان.
ثم لا يخفى أنا لو سلّمنا الاندكاك فلا نسلّم أن ذلك موجب لانقلاب الأمر النذري عباديا على وجه لا يسقط الأمر النذري إلاّ بالاتيان بمتعلقه عبادة ، بل يمكن القول بسقوطه بدون قصد التعبد وإن لم يسقط بذلك الأمر الاستحبابي العبادي ، وقد تعرضنا لذلك في بحث استحباب الاحتياط من تنبيهات البراءة فراجع (١) وراجع ما علّقناه على ص ٣٤٢ (٢) من هذا التحرير في مسألة التداخل.
__________________
(١) حاشية المصنّف قدسسره على فوائد الاصول ٣ : ٤٠٣ في المجلّد السابع.
(٢) من الطبعة القديمة غير المحشاة ، راجع الحاشية في صفحة : ٤٩ وما بعدها من المجلّد الخامس.