ولو قيل إن الأمر الشرطي المتعلق بالطهارة كان متعلقا بنفس ما تعلق به أمرها النفسي الاستحبابي ، لقلنا إن الأمر الشرطي المتعلق بصلاة الظهر أيضا متعلق بنفس ما تعلق به أمرها الوجوبي النفسي ، فينبغي الاندكاك في البابين. نعم لمّا كان كل من الأمرين في صلاة الظهر نفسيا عباديا وجوبيا لم يكن لاندكاك أحدهما بالآخر أثر ، بخلاف الأمرين في باب الطهارة فان الأول منهما وإن كان نفسيا عباديا كالثاني ، إلاّ أنّه لمّا كان الأول منهما استحبابيا والثاني وجوبيا كان لاندكاك الأول منهما بالثاني أثر عملي.
ولكن هذا الفرق غير نافع ، فان للاندكاك في باب صلاة الظهر أيضا أثرا عمليا ، لأن الطلبين المتعلقين بها وإن كانا مشتركين في الجهات المذكورة إلاّ أنهما مختلفان في جهة اخرى ، وهي أن الأول منهما لمّا كان نفسيا استقلاليا كان اللازم الاتيان بمتعلقه لنفسه ، والثاني منهما لمّا كان نفسيا شرطيا كان اللازم الاتيان بمتعلقه بقصد التوصل إلى ما هو شرط له.
وقد أجاب قدسسره (١) عن ذلك بأن الطلب الثاني في باب صلاة الظهر لم يتعلق بنفسها بل تعلق بامتثال أمرها النفسي ، فان الشرط في صلاة العصر إنما هو تفريغ الذمة من صلاة الظهر نظرا إلى الترتيب بينهما ، فلا يكون الشرط في العصر إلاّ امتثال الأمر بالظهر ، فلم يتحد المتعلقان فيه ، فلا يندك فيها أحد الطلبين بالآخر ، بخلاف الطلب الثاني في باب الطهارة فانه متعلق بعين ما تعلق به أمرها النفسي الاستحبابي ، فيندك معه لاتحاد متعلقهما ، وذلك فان ما هو مشروط بالطهارة إنما يتوقف على نفس الطهارة لا على امتثال أمرها النفسي الاستحبابي ، نعم المتوقف عليه هو الطهارة العبادية ،
__________________
(١) راجع أجود التقريرات ١ : ٢٦٠.