الجعل والتشريع ـ كما فيما نحن فيه ـ إن كان أحدهما أهم وجب الحكم على طبقه وسقط الآخر ، وإن تساويا فهل يكون التزاحم موجبا لسقوطهما معا والحكم بحكم آخر ، مثل ما لو تزاحم الصلاح في الفعل مع الفساد فيه مع فرض التساوي فانه ينتج حكما ثالثا وهو الاباحة ، أو أنه يوجب سقوط التعين ويتولد أمر بأحدهما ولا يكون المؤثر إلاّ أحد الملاكين على سبيل الاهمال كما يظهر من شيخنا قدسسره في هذا المقام ، أو أنه لا يسقط شيء من الملاكين بل يؤثر كل منهما أثره من التكليف بالمتعلق ، لكن يكون كل من التكليفين مشروطا بعدم الاتيان بمتعلق الآخر كما هي طريقته قدسسره في إصلاح تزاحم المتساويين في مقام الامتثال بجعل كل من الاطلاقين مشروطا بعدم امتثال الآخر كما صرح به قدسسره في باب الترتب (١) وكما صرح به في الواجب الكفائي (٢) بناء على تعدد الملاكات والأغراض ، فراجع.
وبالجملة : لا يبعد الجزم بأنه لا يمكن الانبعاث عن أحد الملاكين الداعيين على التكليف ، وإنما يعقل انبعاث الآمر عن كل منهما إلى التكليف مشروطا بقاء بعدم الاتيان بمتعلق الآخر.
ولكن الذي يهوّن الخطب هو بعد هذه الطريقة ، أعني طريقة تزاحم الملاكين في مقام الجعل والتشريع الناشئة عن دعوى اجتماع الملاكين ، ويكفي في الجزم بعدمه هو ما يلزمه من فعلية كل من الطرفين عند عدم كل منهما على وجه يستحق عند تركهما معا عقابين ، ولو فعلهما دفعة واحدة يكون وجود كل منهما مسقطا لملاك الآخر أو كاشفا عن عدم الملاك له.
ولأجل ذلك نقول : إن الظاهر أنه ليس في البين إلاّ ملاك واحد يقوم به
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٥ ـ ٤٦.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٢٧٢.