القائم به هو القدر الجامع بين أفعالهم ، وكما قلنا فيما تقدم من أنه لا بدّ من إرجاع الأوّل إلى الثاني ، نظرا إلى أن وحدة الأثر كاشفة عن وحدة المؤثر ، لا بدّ أن نقول هنا إن القدر الجامع هو المؤثر في الملاك لا أحدها المصداقي.
نعم بين المقامين فرق من جهة ثالثة ، وهي أنا في تلك المسألة لم نقل بورود الوجوب على القدر الجامع لعدم كونه معروفا لدى العرف ، ولأجل عدم كونه معروفا عندهم اضطررنا إلى القول بأن الوجوب وارد على مصداق أحدهما على البدل.
وفيما نحن فيه لا تأتي هذه الجهة ، لان الجامع بين أفراد الصلاة على الميت التي تقع من هذا المكلف ومن ذاك ، أمر واضح معروف لكل أحد ، وكذلك الجامع بين المكلفين أنفسهم ، بأن يكون الخطاب بالصلاة على الميت مثلا متوجها إلى القدر الجامع بين عامة المكلفين ، وهو المعبّر عنه في كلام شيخنا قدسسره (١) أن المكلف هو صرف الطبيعة لا كل واحد من أفرادها. وبناء على ذلك يكون المطلوب هو صلاة واحدة من صرف طبيعة المكلفين ، فان تركها الجميع عوقبوا جميعا ، لكنه على الظاهر عقاب واحد على عصيان واحد للتكليف بفعل واحد منبسط على عامة المكلفين ، لا عقابات متعددة على عصيانات متعددة ، ففرق بين ترك الجميع للصلاة على الميت وترك الجميع لصلاة الفجر من هذا اليوم مثلا ، ففي الأوّل لا يكون إلاّ عصيان واحد منبسط على الجميع ، وفي الثاني عصيانات متعددة حسب تعدد تكاليفهم وتعدد ملاكاتها.
ولو فعله الجميع دفعة واحدة مع فرض وحدة الفعل ، كما لو صلى
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٧١.