ويكون وجوب الحيازة عليه مشروطا بعدم سبق الآخر إلى حيازته ، لا أن وجوب الوضوء يكون مطلقا وتكون حيازة الماء مقدمة للوضوء فيكون وجوبها أيضا وجوبا مطلقا لكونه حينئذ تابعا لوجوب ذيها ، فان وجوب الوضوء إنما يتوجه إلى من كان واجدا للماء ، وواجدية كل واحد منهم للماء في هذه الصورة إنما تتحقق عند عدم حيازة الآخر له الذي هو شرط لوجوب الحيازة عليه ، فيكون وجوب الحيازة وجوبا مستقلا ، ويكون وجوبه مشروطا بعدم حيازة الآخر ، ويكون وجوب الوضوء مشروطا بحيازة ذلك الماء لأنه لا يتوجه إلاّ لمن حازه منهم ، انتهى.
قلت : لا يخفى أن هذا النحو الأخير الذي أفاده قدسسره أعني ما يكون فيه أحد التكليفين مشروطا بعدم حصول متعلق الآخر ، لا يمكن أن يتأتى فيما لم يكن في البين إلاّ ملاك واحد ، سواء كان الملاك واحدا أصالة أو كان واحدا بواسطة تزاحم الملاكين.
أما أوّلا : فلأن مقتضى كون الملاك واحدا أن لا يكون منشأ إلاّ لخطاب واحد متعلق بأحد الفعلين على البدل في الواجب التخييري ، أو موجه إلى أحد المكلفين أو صرف طبيعة المكلف في الواجب الكفائي ، دون كون أحد الخطابين مقيدا بعدم حصول متعلق الآخر ، فانه وإن كان موافقا في النتيجة للخطاب التخييري أو الكفائي إلاّ أن ظاهر الواجب الكفائي والتخييري هو أن يكون ناشئا عن ملاك واحد ، وظاهر الخطاب المشروط بعدم حصول متعلق الآخر أن يكون هناك ملاكان وتكليفان ، ولأجل عدم إمكان امتثال كلا التكليفين كان أحدهما مشروطا بعدم حصول متعلق الآخر.
وأما ثانيا : فلأن مقتضى الخطاب المشروط بعدم حصول متعلق