الآخر هو فعلية كلا الخطابين في مورد عدم حصول متعلق كل منهما ، وهذا لا يجتمع مع كون الملاك واحدا ، إذ الملاك الواحد لا يعقل أن يكون منشأ لخطابين فعليين في حال من الأحوال ، فلا بد أن يكون الخطاب المشروط بما ذكرنا ناشئا عن ملاكين غير متزاحمين ، وانما يكون التزاحم بين نفس الخطابين. وهذا مقتبس مما افاده قدسسره خارج مجلس الدرس.
وأما ما أفاده شيخنا قدسسره من أن المكلف هو صرف طبيعة المكلف فلعله لا يخلو عن إشكال ، لأن صرف الطبيعة من المكلفين غير قابلة لأن يتوجه إليها الخطاب بل ولا التكليف.
وينبغي أن يعلم أن صاحب الكفاية قدسسره (١) قد التزم هنا بأن كل واحد مكلف مع السقوط بفعل أحدهم ، لكنه في الواجب التخييري (٢) أنكر ذلك ومنعه ، وقد عرفت (٣) أن السقوط بفعل البعض هو عين ما سلكه من الاختلاف بالهوية ، وأن مرجع الجميع إلى الاشتراط بقاء بعدم سبق الآخر.
وأما ما أفاده في آخر العبارة بقوله : « وسقوط الغرض بفعل الكل كما هو قضية توارد العلل المتعددة على معلول واحد » فقد عرفت أنه مع وحدة الملاك والغرض كما هو المفروض يكون الجميع امتثالا واحدا ، لكون الجامع هو صرف الطبيعة الحاصل بأفعال الكل ، فلا حاجة إلى التعليل بكونه من توارد العلل المتعددة على معلول واحد. اللهم إلاّ أن يكون المراد أنه عند اجتماع العلل المتعددة على معلول واحد يكون المؤثر هو القدر الجامع بينها ، وهو هنا صرف الطبيعة. وظني أن هذا هو مراده قدسسره وإلاّ كان
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٤٣.
(٢) كفاية الاصول : ١٤٠ ـ ١٤١.
(٣) راجع صفحة : ٢٦٦ ـ ٢٦٧.