بعنوانه الأولي وللشيء بعنوانه الثانوي ، ويكون العلم الطارئ بالنجاسة من قبيل التبدل من موضوع إلى آخر ، فلا يتصور فيه انكشاف الخلاف ، ويكون مقتضاه الاجزاء قطعا.
ولكن لا يخفى عليك أن حمل كلامه قدسسره على ذلك مما يقطع بخلافه وأنه لا يريده لا سيما بعد قوله : بل واستصحابهما في وجه قوي (١) ، فان كون الطهارة في ذلك واقعية لو سلّمنا قوله بها في قاعدة الطهارة إلاّ أن قوله بها في استصحابها مما يقطع بعدم إمكان نسبته إليه ، إلاّ أن يدعى أن مفاد استصحاب الطهارة هو أيضا جعل الطهارة للمشكوك ، غايته أنه الشك المسبوق باليقين لا مطلق الشك. وفيه أوّلا : أنه حينئذ لا وجه لحكومة مثل استصحاب النجاسة على قاعدة الطهارة ، إلاّ أن يلتزم في ذلك بطريقة التخصيص. وثانيا : لا يتأتى في استصحاب الموضوعات مثل الحياة والسواد والبياض ونحو ذلك ، إذ لا معنى للجعل في ذلك إلاّ بأن يلتزم بأن المجعول هو الآثار الشرعية لتلك الموضوعات عند الشك في بقاء تلك الموضوعات. وثالثا : أن ذلك خلاف ما صرح (٢) به هو وغيره من مفاد دليل الاستصحاب.
وبالجملة : أن شأنه قدسسره أجلّ من أن يحمل كلامه على ذلك. هذا مع تصريحه بكون الطهارة ظاهرية بقوله : وأنه أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية (٣) ، مضافا إلى أن كلامه لو كان مبنيا على ذلك لجعل الانقلاب في الطهارة والنجاسة لا في خصوص واجدية الشرط ، هذا أوّلا.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٨٦.
(٢) كفاية الاصول : ٣٩٢ ، ٣٩٨.
(٣) كفاية الاصول : ٨٦.