وخلاصة البحث : هي أنه لا يمكن تنزيل ما أفاده في الكفاية على كون مفاد قاعدة الطهارة وقاعدة الحل واستصحابهما هو جعل الحكم على المشكوك ، أما أولا : فلأنه مناف لمسلكه في الاستصحاب (١). وثانيا : أن لازمه هو كون النجاسة مشروطة بالعلم بها أو بالعلم بموضوعها ، ولعل ذلك غير معقول في الشبهة الحكمية ، إذ لا يتصور الشك في الطهارة حينئذ. وثالثا : أن لازمه عدم الاعادة في من توضأ بمشكوك الطهارة ثم علم بنجاسته. ورابعا : أنّ لازمه هو عدم تنجس الملاقي للبول في حال الشك وإن انكشف بعد ذلك أنه بول. وخامسا : أن الطهارة والحل التي هي شرط في اللباس إن كانت بالعنوان الاولي لم يجز الاعتماد على قاعدة [ الطهارة والحل ](٢) في جواز الصلاة فيه ، ولذلك لا يجوز الصلاة في جلد الأرنب عند الاضطرار إلى أكل لحمه ، وجازت الصلاة مع جلد الغنم عند حرمة أكله لأجل كونه مضرا ، وإن كان الشرط هو الأعم من الأولية والثانوية كان محتاجا إلى دليل على التوسعة المذكورة ، ومجرد دليل قاعدة الطهارة لا يدل على التعميم ، كما أن دليل حلية لحم الأرنب عند الاضطرار لا يدل على التعميم المذكور.
وبعد سقوط هذا الوجه وهو كون مفاد قاعدة الطهارة هو جعل الطهارة في مورد الشك ، لا بدّ لنا من دعوى كون مفادها هو التنزيل ، ومن الواضح أن التنزيل يحتاج إلى منزّل ومنزّل عليه وإلى الوجه في التنزيل ، كما في باب التشبيه في احتياجه إلى المشبه والمشبه به وإلى وجه الشبه ، فنقول : إن المنزّل والمنزّل عليه في مثل قوله « كل مشكوك هو طاهر » إن كان
__________________
(١) راجع كفاية الاصول : ٣٩٢ ، ٣٩٨.
(٢) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة ].