أما حديث الرفع فلم أتوفق لما هو المراد من إجرائه واقتضائه الاجزاء بمعنى عدم الاعادة أو القضاء (١) فان كان المراد هو إجراءه في الاعادة فلا يخفى ما فيه ، وإن كان المراد من إجرائه هو إجراءه في القضاء بناء على أنه بأمر جديد ، ففيه أنه بعد قيام الدليل على بطلان العمل السابق لا يبقى مجال للشك في لزوم القضاء بعد فرض كون ذلك الفعل الواجب مما يدخله القضاء. وإن كان المراد من إجرائه هو إجراءه في أصل العمل ، بمعنى أن ذلك المجتهد كان رأيه على عدم وجوب السورة استنادا إلى حديث الرفع ثم عدل عن ذلك لقيام الدليل على وجوبها ، ففيه : أن هذا من فروع كون الحكومة حكومة واقعية ، وقد تقدم (٢) المنع من ذلك ، وأن مثل حديث الرفع لا يرفع الجزئية رفعا واقعيا على وجه يكون حاكما على دليل الجزئية واقعا حكومة واقعية ، وإنما أقصى ما فيه هو المعذورية والرفع الظاهري ، وذلك لا يقتضي الاجزاء وعدم الاعادة والقضاء بعد انكشاف الخلاف أو قيام الدليل على الجزئية ، هذا.
مضافا إلى أن ذلك سيأتي في آخر المبحث (٣) فلا يمكن حمل هذه العبارة عليه مضافا إلى كونه خلاف الظاهر منها ، فان الظاهر منها هو بعد أن اضمحل الاجتهاد السابق يكون مقتضى القاعدة هي الاعادة ، إلاّ إذا نهض دليل على صحة العمل السابق مثل حديث لا تعاد وحديث الرفع ، فيكون حديث الرفع جاريا بعد أن تبدل الرأي لا أنه كان جاريا قبل ذلك وكان
__________________
(١) نقل الشيخ فيما حكي عنه في التقريرات [ مطارح الأنظار ١ : ١٤٥ ـ ١٤٦ ] عن بعضهم الاحتجاج للاجزاء بالبراءة. وأورد عليه بأنه بعد الانكشاف ووجود الأمر الواقعي لا وجه لأصالة البراءة [ منه قدسسره ].
(٢) لاحظ ما تقدم في صفحة : ٣٧٥ وما بعدها.
(٣) كفاية الاصول : ٤٧١.