حكومة واقعية ، وقد تقدم (١) الكلام على ذلك مفصلا.
أما ما وجهنا به كلامه في طليعة هذا البحث (٢) من جعل حديث الرفع حاكما بصحة العمل السابق مع فرض تبدل الرأي إلى ثبوت الفساد ، فليس مبنيا على الحكومة الواقعية ، بل إنه يلتئم مع الحكومة الظاهرية بأن نقول : القدر المتيقن ممّا دل عليه دليل جزئية السورة هو جزئيتها في حال العلم ، أما حال الجهل فتكون الجزئية مشكوكة ، وحيث كان ترك السورة فيما سبق ناشئا عن الجهل بجزئيتها كانت جزئيتها من تلك الصلاة مشكوكة لنا فعلا ، فتكون مرفوعة بحديث الرفع ، ويكون هذا الرفع رفعا ظاهريا لكونه منوطا بالشك في الجزئية في حال الجهل ، فلو كانت السورة في الواقع جزءا في حال الجهل لم تكن حكومة دليل الرفع على ما يدل على جزئيتها في حال الجهل إلاّ حكومة ظاهرية ، وحيث إنّا الآن شاكون في الجزئية السابقة لكونها في حال الجهل فلا مانع من جريان البراءة في تلك الجزئية ، وتكون تلك الصلوات السابقة محكومة ظاهرا بالصحة فلا يلزم إعادتها ، وإن تبدل رأينا في أصل المسألة وهي وجوب السورة وأفتينا بلزومها وكونها جزءا من الصلاة ، إلاّ أنّ المتيقن من ذلك هو خصوص حالة العلم بتلك الجزئية.
أما حالة الجهل بتلك الجزئية فالمرجع فيه هو البراءة من الجزئية في حال الجهل ، سواء كان ذلك الترك سابقا على هذا الرأي أو كان متأخرا عنه ، كما لو كان المقلد لهذا الشخص قد ترك السورة بعد تقليده متخيلا عدم وجوبها عنده ، بل وكما لو أن ذلك المجتهد نفسه قد نسي هذا الحكم أعني
__________________
(١) في صفحة : ٣٧٧ وما بعدها.
(٢) في صفحة : ٤٢٧.