لكونه لغوا ، أجنبي عمّا تعرض له شيخنا قدسسره من أن الشرط من قبيل الموضوع ، ويستحيل تحقق الحكم بدون تحقق موضوعه.
نعم ، إن جعل الوجوب فعلا مشروطا بشرط بنحو القضية الحقيقية مع فرض علمه بأنّ هذا الشرط لا يتفق حصوله ، لا بدّ فيه من فائدة ولو مثل توطين النفس ، كما في النسخ قبل وقت العمل.
والحاصل : أن الكلام إن كان في شرط الجعل باعتبار كون جعل الحكم من الأفعال الاختيارية للحاكم ، فلا بدّ فيها من المقتضي والشرط وعدم المانع ، فلا ينبغي الريب في أن هذا النحو من الشروط يكون المدار فيه على علم الآمر لا على وجوده الواقعي ، ويستحيل حينئذ صدور الحكم وجعله من جانب الشارع مع علمه بأن شرطه غير موجود.
وإن كان الكلام في شرط المجعول الذي هو الحكم مثل الاستطاعة بالنسبة إلى وجوب الحج ، فهذا أمر لا دخل لوجوده في جعل أصل القضية الحقيقية ، وإنما له الدخل في فعلية الحكم المجعول ، بمعنى أن الشارع جعل الوجوب على تقدير الاستطاعة ، فلا يكون الوجوب فعليا إلاّ عند الاستطاعة ، وحينئذ لا يكون في البين أمر جديد ، وإنما هو تحقق ما جعله الشارع ، فلا يكون معنى محصّل للقول بأن الآمر يأمر مع علمه بعدم الشرط.
ومن ذلك يتضح لك التأمل فيما أفاده في الكفاية من قوله : نعم لو كان المراد من لفظ الأمر الأمر ببعض مراتبه ، ومن الضمير الراجع إليه بعض مراتبه الأخر ... الخ (١) ، فانك قد عرفت أن تحقق الشرط في الخارج ليس
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٣٧.