الرجل بالصيام الذي هو الامساك من أول الفجر إلى الغروب مع علمه بل ومع علم المأمور بأن الشرط لذلك الوجوب ينتفي بعد ساعة أو ساعتين ، ويكون أثر هذا الوجوب الذي قد حصل العلم بأن شرطه لا يدوم هو وجوب الكفارة عليه.
وفيه : ما لا يخفى ، فان وجوب الكفارة فرع على صحة الوجوب أعني وجوب الامساك من الفجر إلى الغروب مع فرض العلم بأن شرط هذا الوجوب لا يدوم ، فكيف يمكننا تصحيح هذا الوجوب باعتبار أثره المترتب على صحته ، فلاحظ وتدبر.
وإن كان المنظور في ذلك هو القضية الخارجية ، ففيه : أنها لا يتصور فيها الشرط بمعنى شرط المجعول وإلاّ لكانت حقيقية ، وإنما المتصور فيها هو شرط الجعل ، وذلك خارج عمّا نحن فيه.
وأما ما ذكره المحشي (١) من مثال القصاص مثل « اقتلوا القاتل » وأنّ غرض الآمر منه هو إعدام موضوعه لكونه موجبا لعدم تحقق القتل ، كما هو مقتضى قوله تعالى : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ ... )(٢) ففيه : أنّ إعدام الموضوع بمعنى تقليل موارد تعمد القتل ليس إلاّ من قبيل حكمة التشريع ، وإلاّ لكان الحكم معدما لموضوع نفسه ، وأين هذا من مسألة أمر الآمر مع علمه بانتفاء الشرط الذي هو موضوع الحكم.
وأعلم أن هذا المعنى ـ أعني كون الحكمة في جعل الحكم هي إعدام موضوعه أو تقليل وجوده ـ لا يختص بالقصاص ، بل هو جار في جميع الحدود مثل حدّ السرقة وحدّ السكر وغيرهما من الحدود. فهذه الأحكام
__________________
(١) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ٣٠٤.
(٢) البقرة ٢ : ١٧٩.