الوجود كي يكون كل منهما متوقفا على الآخر ، وبعد الفراغ عن هاتين القضيتين وأن التشخص مساوق للوجود نقول : إن حقيقة النزاع في وجود الكلي الطبيعي هو أن ما تتعلق إرادته تعالى بتكوينه وإخراجه من العدم إلى الوجود وكذلك ما تتعلق به إرادتنا من سائر أفعالنا ، هل هو نفس الكلي الطبيعي ، وأن الخصوصيات الفردية خارجة عن حيز الارادة المذكورة ، وإنما هي من لوازم إخراجه من العدم إلى الوجود ، لما عرفت من أن التشخص مساوق للوجود وأن الشيء ما لم يتشخص لم يوجد ، أو أن متعلق الارادة المذكورة هو الفرد بخصوصياته ، بحيث كانت الخصوصية الفردية داخلة في حيز الارادة المذكورة. ومن ذلك يظهر لك الحال في حقيقة النزاع الذي نحن فيه ، أعني تعلق الأوامر بالطبائع أو الافراد ، فان ما تتعلق به الارادة التشريعية هو بعينه ما تتعلق به إرادتنا التكوينية ، انتهى.
وقد أورد عليه في الحاشية بما عرفت نقله ـ إلى قوله ـ فلا مجال لتوهم أن الأمر بشيء يكون أمرا بمشخصاته المسامحية ـ إلى قوله ـ ومن ذلك يظهر ما في كلام شيخنا الاستاذ قدسسره في المقام فلا تغفل ، انتهى.
وأنت بعد اطلاعك على هذا الذي حررته عنه قدسسره تعرف أن هذا الايراد غير وارد عليه ، لأنه إنما يرد لو كان مراده من التشخص هو المشخصات المقارنة لوجود الطبيعة من الاتصافات بكونه طويلا مثلا أو قصيرا أو أسود أو أبيض ، أو نحو ذلك من الصفات التي هي مصاديق لكليات أخر كما حرره عنه المحرر المحشي.
أما بعد كون المراد له قدسسره من التشخص هو التحصص ، فان الكلي الطبيعي عند وجوده يكون حصة من الطبيعة وبذلك يكون متشخصا ، ويصدق بذلك أنه لا يوجد إلاّ إذا تحصص ، ولا يتحصص إلاّ إذا طرأه