وكأنه قد بنى على عدم إمكان الجمع بين تقييد الوجوب بوجود القبلة وتقييد الواجب بها ، ولأجل ذلك نراه قد منع من أخذه قيدا في الوجوب ، بدعوى أن أخذه قيدا فيه يوجب عدم تقييد المأمور به بالقبلة. فأورد عليه بأن لازمه جواز التوجه إلى غير القبلة ، ولا بدّ حينئذ من رجوعه إلى المادة ، وأخرجه من التكليف بغير المقدور ، لأن الواجب هو التقيد لا القيد.
وقد عرفت أنه لا ينبغي الريب في وجوب التوجه إلى القبلة ، وأن هذا أعني التوجه المعبّر عنه بالاستقبال قيد في الصلاة ، وأنه لا بدّ في مثل هذا التكليف المربوط بموضوع خارجي من كونه مشروطا بذلك الموضوع الخارجي ، غايته أن الاشتراط تارة يكون خطابا وملاكا واخرى يكون خطابا فقط. والظاهر أن الاشتراط في مثل الاستقبال يكون خطابا وملاكا ، فأين هذه الجهات من كون الواجب هو التقيد وأن القيد خارج ، إذ لا ريب أنه كذلك في أمثال هذه الموارد مما يكون القيد مربوطا بموضوع خارجي بمعنى أن نفس الموضوع الخارجي لا يكون داخلا تحت التكليف.
وقوله ـ في الحاشية المشار إليها ـ : ومن ذلك يظهر أن أخذ القيد الخارج عن الاختيار أو الداخل تحته مفروض الوجود وإن كان يلازم اشتراط التكليف به ، إلاّ أنه لا ينافي تعلق التكليف بالمقيد بما هو مقيد ... الخ (١).
مسلّم ، إلاّ أن ذلك التكليف المتعلق بالمقيد بما هو مقيد لا يكون فعليا قبل وجود ذلك الشرط بل يكون مشروطا بوجود ذلك ، وهذا أعني الاشتراط هو غاية ما يرومه شيخنا الاستاذ قدسسره في قبال صاحب الفصول
__________________
(١) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ١٩٧ ـ ١٩٨.