انفصال المراد زمانا عن الارادة فيما لو كان المراد نفس الكون في مسجد الكوفة المفروض أنه يتوقف على السير إليها المحتاج إلى مضي مقدار من الزمان ، فانّ إرادته لذلك السير تكون ناشئة عن تعلق إرادته بالكون في المسجد ، وقد انفصل عن الارادة بمقدار الزمان الذي تحتاجه تلك المقدمات.
وهذا النقض مأخوذ من كلمات صاحب الفصول قدسسره فانه قال : ومن هذا النوع ( يعني الواجب المعلق الذي يكون الوجوب فيه حاليا والواجب استقباليا ) كل واجب مطلق توقف وجوده على مقدمات مقدورة غير حاصلة ، فانه يجب قبل وجوب المقدمات إيجاد الفعل بعد زمن يمكن إيجادها فيه ، وإلاّ لزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا أو التكليف بما لا يطاق ، وكلاهما ضروري الفساد (١).
وعلى أي حال لا بدّ في الجواب عن هذا النقض بأن يقال : إنه لم تتعلق إرادته بالكون إلاّ بعد الفراغ عن المقدمات ، ويكون إقدامه على تلك المقدمات ناشئا عن حبه وشوقه إلى الكون وإن لم تتم إرادته إلاّ بعد الفراغ عن تلك المقدمات.
ولا يبعد أن يكون النزاع لفظيا في هذا المقدار من الحب والشوق الباعث على المقدمات ، فالسيد قدسسره لا يقول إنه عين الارادة بل هو من مقدماتها ، وصاحب الكفاية قدسسره يقول إنه عين الارادة غايته أنها لا تؤثر في تحقق المراد لأنه لم يحن وقته بعد فيما لو كان المراد موقتا ، أو لأنه لمّا كان تحقق المراد متوقفا على تلك المقدمات كان تأثيرها متوقفا على الفراغ منها.
ولا يخفى أنه لو كانت تلك الارادة الموجودة قبل الشروع في
__________________
(١) الفصول الغروية : ٨٠.