المقدمات هي المؤثرة لم يكن محتاجا إلى إرادة جديدة ، إلاّ أن يدعى أنها باقية مستمرة إلى الفراغ من المقدمات بل إلى حصول المراد.
ويمكن أن يكون هذا النزاع جوهريا منشؤه النزاع في اتحاد الطلب والارادة وتغايرهما ، فمثل شيخنا قدسسره (١) يقول إن في النفس قبل الفعل امورا أربعة : تصور الفعل والتصديق بفائدته والشوق إليه وطلبه بمعنى حملة النفس عليه. وغيره يقول إن الطلب هو نفس الارادة التي هي نفس الشوق. وعلى الأول يكون الأمر الاستقبالي فاقدا للجزء الرابع بخلافه على الثاني فانه لا يفقد شيئا ، لأنهم يقولون إن الطلب عين الارادة وهي عبارة عن نفس الشوق المؤكد ، وهو حاصل في الفعل المستقبلي كما هو بعينه وبمرتبته حاصل في الفعل الحالي.
وكيف كان ، فالذي أخاله أن محل النزاع أعني إمكان كون الوجوب حاليا والواجب استقباليا لا دخل له بمسألة إمكان تعلق الارادة التكوينية فعلا بفعل يكون متأخرا عنها زمانا. فسواء قلنا بامكان تأخر المراد زمانا عن إرادتنا التكوينية أو قلنا بعدم إمكانه فذلك لا دخل له بالارادة الشرعية الآمرية ، فان الارادة التشريعية التي نتكلم عنها وأنها عين الوجوب ليست هي من سنخ إراداتنا التكوينية ولا من سنخ الشوق المؤكد ، بل هي من سنخ الأحكام الشرعية ، لأنها عين الوجوب الذي عرفت شرحه فيما تقدم (٢) وأن له شبها بالأحكام الوضعية المنجعلة بالجعل.
فان قلنا إنه عبارة عن البعث والتحريك ، أو قلنا إنه أعني الوجوب
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٣٥ وما بعدها.
(٢) راجع ما تقدم في المجلّد الأول من هذا الكتاب ، في صيغة الأمر صفحة : ٣٣٩ وما بعدها ، وصفحة : ٣٤٩ وما بعدها.