منتزع من البعث والتحريك ، أو قلنا إنه يلزمه ذلك وإن لم يكن هو عينه ، أو اتفق أنه قد ابرز بقالب البعث والتحريك أعني صيغة افعل وما يؤدي مؤداها من البعث والتحريك وإن كان بصورة الجملة الخبرية مثل قوله تعالى : ( تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ )(١) فلا ينبغي الريب في عدم معقولية البعث الفعلي إلى ما يكون زمانه بعد ذلك.
وإن قلنا بأنه أعني الوجوب اعتبار صرف محصله هو كون العبد ملزما بالفعل وأنه على عاتقه ونحو ذلك من التعبيرات ، فعلى الظاهر أنه لا مانع من تحققه قبل زمان الفعل الواجب. ولعل من هذا القبيل ما لو استؤجر فعلا على عمل يكون زمانه بعد زمان عقد الاجارة. وليس المراد التنظير من ناحية الملكية كي يجاب عنه بما عن شيخنا قدسسره (٢) بامكان حصول الملكية مع تأخر المملوك ، بل المراد التنظير من ناحية كون الفعل على عاتق الأجير فعلا مع كون زمانه متأخرا عن صيرورته على عاتقه.
ولكن مع ذلك كله نقول إن الوجوب ولو كان مجردا عن البعث والتحريك لو كان متعلقا بفعل مقيد بالزمان المتأخر كان من اللازم كونه مشروطا بذلك الزمان ، إما بنحو الشرط المتأخر كما هو مسلك صاحب الكفاية قدسسره (٣) ، وإما بنحو يكون الشرط هو العنوان المنتزع من وجود ذلك الزمان المتأخر كما هو مسلك صاحب الفصول قدسسره (٤). والبحث في الأول في محله من الكلام على الشرط المتأخر ، وفي الثاني هو الذي ينبغي أن
__________________
(١) الصف ٦١ : ١١.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٢١٠.
(٣) كفاية الاصول : ١٠٣.
(٤) الفصول الغروية : ٨٠.