ولا فرق في هذه الجهة التي ذكرناها بين كون ذلك الأمر الذي تضمنته القضية الخارجية أمرا صادرا من السيّد بالنسبة إلى عبده وبين كونه صادرا من الشارع بالنسبة إلى أحد المكلفين ، في أن ذلك الأمر يكون مطلقا وأن علم الآمر هو الميزان سوى أن الأمر الصادر من الشارع بهذه الكيفية لا يتصور فيه الخطأ في التطبيق ولا تخلف الداعي ، بخلاف ما لو كان صادرا من السيد بالنسبة إلى عبده فانه لجهل الآمر يمكن أن يطرقه الخطأ في التطبيق أو تخلف الداعي ، هذا.
ولكن لا يخفى أن المصلحة من قبيل شرط الجعل في كل من القضية الخارجية والحقيقية ، ويكون المؤثر في الجعل والتشريع في كل منهما هو المصلحة بوجودها العلمي ، وأما شرط الوجوب مثل القدرة ونحوها فهو في القضايا الحقيقية يكون من قبيل شرط المجعول ، فيكون المدار في فعلية الحكم وتحققه خارجا في القضايا الحقيقية على وجود الشرط واقعا لا على وجوده العلمي ، بخلاف ما لو كانت القضية خارجية فان الشرط يكون فيها من سنخ شرط الجعل لا من قبيل شرط المجعول ، ويكون حاله في القضية الخارجية حال المصلحة في أن المدار في صدور الجعل من الآمر على وجوده العلمي لا على وجوده الواقعي.
قوله : بل حالها حال القضايا الحقيقية ، وتوضيح الحال فيها أن كل حاكم يأخذ في موضوع حكمه عنوانا عاما يشير به إلى الموضوعات الخارجية ويأخذه في موضوع حكمه على نحو الفرض والتقدير ويحكم على ذات المفروض ... إلخ (١).
دع عنك الأحكام الشرعية الكلية ، ولكن هلمّ في مجعولاتنا ومنشئاتنا
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٨٩ [ المذكور هنا موافق مع النسخة القديمة غير المحشاة ].