وجود اللاحق هو الشرط في الوجوب ، ويكون ذلك الوجود اللاحق غير داخل في حيّز الوجوب ، إمّا لكونه غير مقدور كالزمان ، أو لأجل كونه فعلا محرما كركوب الدابة المغصوبة. وهذا ـ أعني إدخال المقدمة المحرمة ـ هو أقصى توسعة صاحب الفصول. ولم تدخل فيه المقدمة الاختيارية غير المحرمة سواء كانت واجبة أو كانت غير واجبة ، فلاحظ وتأمل.
وربما يقال : إن هذه التوسعة التي أفادها في الكفاية بمنزلة الايراد على صاحب الفصول ، قد تعرض لها صاحب الفصول أيضا ، فإنّه قال : واعلم أنه كما يصح أن يكون وجوب الواجب على تقدير حصول أمر غير مقدور وقد عرفت بيانه ، كذلك يصح أن يكون وجوبه على تقدير حصول أمر مقدور ، فيكون بحيث لا يجب على تقدير عدم حصوله وعلى تقدير حصوله يكون واجبا قبل حصوله ، وذلك كما لو توقف الحج المنذور على ركوب الدابة المغصوبة. فالتحقيق : أن وجوب الواجب حينئذ ثابت على تقدير حصول تلك المقدمة ، وليس مشروطا بحصولها كما سبق إلى كثير من الأنظار. والفرق أن الوجوب على التقدير الأول يثبت قبل حصولها ، وعلى الثاني إنّما يثبت بعد تحققها لامتناع المشروط بدون الشرط. وبعبارة اخرى حصول المقدمة على الأول كاشف عن سبق الوجوب وعلى الثاني مثبت له كما مر (١).
وهذا الذي أفاده في الفصول ـ أعني ما لو توقف فعل الواجب على أمر مقدور وهو ركوب الدابة المغصوبة ، وكان ذلك المقدور خارجا عن حيّز الطلب لكونه محرما ـ ليس هو عين القسم الثالث الذي أشار إليه في الكفاية
__________________
(١) الفصول الغروية : ٨٠.