أعني ما لو كان القيد فعلا اختياريا استقباليا الذي عرفت أنه راجع إلى الأول ، فإن عبارة صاحب الفصول وإن كانت مجملة إلاّ أنه يمكن الجزم بأن مراده بهذه التوسعة هو أنه لو كان القيد غير مقدور شرعا كما في ركوب الدابة المغصوبة ، كان حاله حال ما لو كان غير مقدور عقلا كالزمان ونحوه وكنا مجبورين فيه على جعل الوجوب في ذلك مشروطا بالعنوان المنتزع من وجوده المتأخر ، فيكون الوجوب فيه حاليا والواجب استقباليا.
ولكن لم يتضح الوجه في تخصيص الحج الواجب بالحج النذري دون حجة الاسلام ، لأن الانحصار بركوب الدابة المغصوبة لو كان حاصلا حين الوجوب ، فكما يكون مانعا من تحقق الاستطاعة فكذلك يكون مانعا من انعقاد النذر ، إذ لا يصح نذر الحج مع فرض توقفه على ركوب الدابة المغصوبة. ولو كان الانحصار طارئا بأن استطاع أو نذر ولم يحج في السنة الاولى وأخّر إلى السنة الثانية واتفق الانحصار فيها ، جرى ما ذكره من التعليق في الحج الاستطاعتي كما يجري في الحج النذري.
ثم إنه قد أجرى هذه الطريقة في الطهارة الحدثية مع الاغتراف من الآنية المغصوبة مع الانحصار كما يأتي (١) في كلماته ، وقد حقق شيخنا قدسسره في محله (٢) أن اشتراط الوجدان كاشتراط الاستطاعة في كون التكليف في المقامين مشروطا بالقدرة الشرعية ، وأن الترتب لا يجري في مثل ذلك ، من دون فرق في ذلك بين أخذ العصيان شرطا متقدما أو شرطا متأخرا ، أو أخذ العنوان المنتزع من تأخره شرطا. نعم يجري ذلك فيما يكون مشروطا بالقدرة العقلية ، كما لو توقف إزالة النجاسة عن المسجد على سلوك الأرض
__________________
(١) المصدر المتقدم
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٢٧ ـ ٢٨.