حيث يقضون على الرجل منكم نفقة امرأته إذا قال إني زاهد وإني لا شيء لي فإن قلتم جورة ظلمكم أهل الإسلام وإن قلتم بل عدول خصمتم أنفسكم وحيث تردون صدقة من تصدق على المساكين عند الموت بأكثر من الثلث.
أخبروني لو كان الناس كلهم كالذين تريدون زهادا لا حاجة لهم في متاع غيرهم فعلى من كان يتصدق بكفارات الأيمان والنذور والصدقات من فرض الزكاة من الذهب والفضة والتمر والزبيب وسائر ما وجب فيه الزكاة من الإبل والبقر والغنم وغير ذلك إذا كان الأمر كما تقولون لا ينبغي لأحد أن يحبس شيئا من عرض الدنيا إلا قدمه وإن كان به خصاصة فبئسما ذهبتم إليه وحملتم الناس عليه من الجهل بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلىاللهعليهوآله وأحاديثه التي يصدقها الكتاب المنزل وردكم إياها بجهالتكم وترككم النظر في غرائب القرآن من التفسير بالناسخ من المنسوخ والمحكم والمتشابه والأمر والنهي.
وأخبروني أين أنتم عن سليمان بن داود عليهالسلام حيث سأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه الله جل اسمه ذلك وكان يقول الحق ويعمل به ثم لم نجد الله عز وجل عاب عليه ذلك ولا أحدا من المؤمنين وداود النبي صلىاللهعليهوآله قبله في ملكه وشدة سلطانه ثم يوسف النبي عليهالسلام حيث قال لملك مصر : « اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ » (١)
______________________________________________________
كما لا يخفى.
قوله عليهالسلام : « ظلمكم » على بناء التفعيل أي : نسبكم أهل الإسلام إلى الظلم والجور ، قال الفيروزآبادي : « ظلمه تظليما » : نسبه إلى الظلم ، وفي بعض النسخ : « ظلمتم » ولعله أظهر.
قوله عليهالسلام : « إذا كان الأمر » لعله وجه آخر لبطلان قولهم ، وهو أنه لو كان يجب الخروج من الأموال لم يجب على أحد الزكاة ، أو هو تتمة للوجه الأول أي : لو كان وجب الخروج لكان عدم الأخذ أيضا لازما بطريق أولى ، والأول أظهر.
قوله عليهالسلام : « من التفسير » بيان للغرائب : أي : غرائب القرآن هو تفسير ناسخه والعمل به بدلا من المنسوخ ، فـ « من » للبدل ، ومن غرائب القرآن محكمه ومتشابهه وأمره ونهيه.
__________________
(١) سورة يوسف : ٥٥.