مع الرضا عليهالسلام في بعض الحاجة فأردت أن أنصرف إلى منزلي فقال لي انصرف معي فبت عندي الليلة فانطلقت معه فدخل إلى داره مع المعتب فنظر إلى غلمانه يعملون بالطين أواري الدواب وغير ذلك وإذا معهم أسود ليس منهم فقال ما هذا الرجل معكم فقالوا يعاوننا ونعطيه شيئا قال قاطعتموه على أجرته فقالوا لا هو يرضى منا بما نعطيه فأقبل عليهم يضربهم بالسوط وغضب لذلك غضبا شديدا فقلت جعلت فداك لم تدخل على نفسك فقال إني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة أن يعمل معهم أحد حتى يقاطعوه أجرته واعلم أنه ما من أحد يعمل لك شيئا بغير مقاطعة ثم زدته لذلك الشيء ثلاثة أضعاف على أجرته إلا ظن أنك قد نقصته أجرته وإذا قاطعته ثم أعطيته أجرته حمدك على الوفاء فإن زدته حبة عرف ذلك لك ورأى أنك قد زدته.
٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في الحمال والأجير قال لا يجف عرقه حتى تعطيه أجرته.
______________________________________________________
قوله : « أواري الدواب » ، قال الجوهري : مما يضعه الناس في غير موضعه قولهم للمعلف آري ، وإنما الآري محبس الدابة ، والجمع أواري يخفف ويشدد ، وهو في التقدير فاعول.
قوله : « لم تدخل على نفسك » أي الضرر أو الهم أو الغضب ، ويدل على جواز التأديب على المكروهات إذ المشهور كراهة استعمال الأجير قبل المقاطعة على الأجرة ، وظاهر الخبر الحرمة ، ويمكن أن يقال : هذا الفعل كان حراما عليهم لمخالفتهم أمر المولى وإن كان في الأصل مكروها.
الحديث الثاني : حسن.
وقال الوالد العلامة « رحمهالله » : يدل على أن استحقاق الأجرة بعد الفراغ من العمل وإن أعطى أجرته بعد العقد فهو إحسان ، والظاهر من الأصول أن الأجرة تتعلق بذمة الأجير ولا يستحق أخذها إلا بعد العمل ، وجفاف العرق إما على الحقيقة أو هو كناية عن السرعة.