ثم تمادى بعلي عليهالسلام السؤال والمناشدة فما ترك شيئا إلا ناشدهم الله فيه وسألهم عنه حتى أتى علي على أكثر مناقبه وما قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله كل ذلك يصدقونه ويشهدون أنه حق.
ثم قال حين فرغ اللهم اشهد عليهم وقالوا اللهم اشهد أنا لم نقل إلا ما سمعناه من رسول الله صلىاللهعليهوآله وما حدثنا من نثق به من هؤلاء وغيرهم أنهم سمعوه من رسول الله صلىاللهعليهوآله.
قال أتقرون بأن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال من زعم أنه يحبني ويبغض عليا فقد كذب وليس يحبني ووضع يده على رأسي فقال له قائل كيف ذلك يا رسول الله؟ ـ قال لأنه مني وأنا منه ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله قال نحو عشرين رجلا من أفاضل الحيين اللهم نعم وسكت بقيتهم.
فقال للسكوت ما لكم سكتم؟ قالوا هؤلاء الذين شهدوا عندنا ثقات في قولهم وفضلهم وسابقتهم فقال اللهم اشهد عليهم.
فقال طلحة بن عبد الله وكان يقال له داهية قريش فكيف نصنع بما ادعى أبو بكر وأصحابه الذين صدقوه وشهدوا على مقالته يوم أتوه بك بعتل (١) وفي عنقك حبل فقالوا لك بايع فاحتججت بما احتججت به فصدقوك جميعا ثم ادعى أنه سمع رسول الله يقول أبى الله أن يجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة فصدقه بذلك عمر وأبو عبيدة وسالم ومعاذ ثم قال طلحة كل الذي قلت وادعيت واحتججت به من السابقة والفضل حق نقر به ونعرفه وأما الخلافة فقد شهد أولئك الأربعة بما سمعت.
فقام علي عليهالسلام عند ذلك وغضب من مقالته فأخرج شيئا قد كان يكتمه وفسر شيئا قال له عمر يوم مات لم يدر ما عنى به فأقبل على طلحة والناس يسمعون فقال أما والله يا طلحة ما صحيفة ألقى الله بها يوم القيامة أحب إلي من صحيفة الأربعة ـ الذين تعاهدوا على الوفاء بها في الكعبة إن قتل الله محمدا أو توفاه أن يتوازروا دون علي ويتظاهروا فلا تصل إلي الخلافة.
والدليل والله على باطل ما شهدوا وما قلت يا طلحة قول نبي الله يوم غدير خم من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه فكيف أكون أولى بهم من أنفسهم وهم أمراء علي وحكام وقول رسول الله صلىاللهعليهوآله أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة فلو كان مع النبوة غيرها لاستثناه رسول الله (ص).
وقوله إني تركت فيكم أمرين كتاب الله وعترتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما ـ لا تقدموهم ولا تخلفوا عنهم ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم أفينبغي أن لا يكون الخليفة على الأمة إلا أعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه وقد قال الله عز وجل : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما
__________________
(١) العتل : الجذب العنيف تقول عتلت الرجل إذا جذبته جذبا عنيفا.