وارتفع صوته بالبكاء.
فقلنا : يا أمير المؤمنين ، لقد أمرضنا بكاك ، وأمضنا وأشجانا وما رأيناك قد فعلت مثل هذا الفعل قطّ.
فقال : كنت ساجداً أدعو ربّي بدعاء الخير في سجدتي ، فغلبتني عيني ، فرأيت رؤيا هالتني وأفضعتني ، رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله قائماً وهو يقول : يا أبا الحسن ، طالت غيبتك عنّي ، وقد اشتقت إلى رؤيتك ، وقد أنجز لي ربّي ما وعدني فيك.
فقلت : يا رسول الله : وما الذي أنجز لي فيَّ ؟
قال : أنجز لي فيك وفي زوجتك وابنيك ، وذرّيّتك في الدرجات العلى في علّيّين.
فقلت : بأبي أنت واُمّي ، يا رسول الله ، فشيعتنا ؟
قال : شيعتنا معنا وقصورهم بحذا قصورنا ، ومنازلهم مقابل منازلنا.
فقلت : يا رسول الله ، فما لشيعتنا في الدنيا.
قال : الأمن والعافية.
قلت : فما لهم عند الموت ؟
قال : يحكم الرجل في نفسه ، ويؤمر ملك الموت بطاعته وأيّ موتة شاء ماتها ، وأنّ شيعتنا ليموتون على قدر حبّهم لنا.
قلت : فما لذلك حدّ يعرف.
قال : بلى إنّ أشدّ شيعتنا لنا حبّاً يكون خروج نفسه كشرب أحدكم في اليوم الصائف الماء البارد الذي ينتفع منه القلب ، وأنّ سائرهم ليموت كما يغطّ أحدكم على فراشه كأقرّ ما كانت عينه بموته » (١).
_________________________
(١) تأويل الآيات : ٧٥٢.