زكريّا ابن يحيى الكوفي ، قال : حدّثنا إبن أبي زائدة عن أبيه ، قال : حدّثني محمّد بن الحسن ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ، قال : « لمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله ما ترك إلاّ الثقلين : كتاب الله عترته أهل بيته ، وكان قد أسرّ إلى فاطمة أنّها لاحقة به ، وأنّها أوّل أهل بيته لحوقاً.
فقالت عليهالسلام : بينا أنا بين النائمة واليقظانة بعد وفاة أبي بأيّام ؛ إذ رأيت كأنّ أبي قد أشرف علَيَّ ، فلمّا رأيته لم أملك نفسي أن ناديت : يا أبتاه ، إنقطع عنّا خبر السماء ، فبينا أنا كذلك إذ أتتني الملائكة صفوفاً يقدمها ملكان حتّى أخذاني ، فصعدا بي إلى السماء ، فرفعت رأسي فإذا أنا بقصور مشيدة ، وبساتين ، وأنهار تطّرد ، قصر بعد قصر ، وبستان بعد بستان ، وإذا قد طلع علَيَّ من تلك القصور جواري كأنّهنّ اللعب ، مستبشرات يضحكن إليَّ ، ويقلن : مرحباً بمن خُلقت الجنّة من أجل أبيها ، ولم تزل الملائكة تصعد بي حتّى أدخلوني إلى دار فيها قصور ، في كلّ قصر بيوت فيها ما لا عين رأت ، ولا اُذن سمعت ، وفيها من السندس والإستبرق على الأسرّة الكثير ، وعليها اللحاف من الحرير والديباج بألوان ، ومن أواني الذهب والفضّة ، وفيها الموائد ، وعليها ألوان الطعام ، وفي تلك الجنان نهر مطّرد أشدّ بياضاً من اللبن ، وأطيب رائحة من المسلك الأذفر ، فقلت : لمن هذه الدار ؟ وما هذه الأنهار ؟
فقالوا : هذه الدار هي الفردوس الأعلى الذي ليس بعده جنّة ، وهي دار أبيك ومن معه من النبيّين ، ومن أحبّ الله ، وهي نهر الكوثر الذي وعده الله أن يعطيه إيّاه.
قلت : فأين أبي ؟
قالوا : الساعة يدخل عليكِ ، فبينا أنا كذلك إذ برزت لي قصوراً أشدّ بياضاً من تلك القصور ، وفرش هي أحسن من تلك الفرش ، وإذ أنا بفرش مرتفعة على أسرّة ، وإذا أبي جالس على تلك الفرش ومعه جماعة ، فأخذني وضمّني وقبّل ما بين عينيّ ، وقال : مرحباً بإبنتي ، وأقعدني في حجره.