اُخر يخلقها في ثاني الحال ، أو كان قد خلقها ، فإذا خلق في قلب النائم الطيران وليس بطائر فأكثر ما فيه أنّه اعتقد أمراً على خلاف ما هو ، فيكون ذلك الإعتقاد علماً على غيره ، كما يكون خلق الله تعالى الغيم علماً على المطر ، والجميع خلق الله تعالى ، ولكن يخلق الرؤيا والإعتقادات التي جعلها علماً على ما يسّر بغير حضرة الشيطان ، وخلق ما هو علم على ما يضرّ بحضرة الشيطان ، فنسب إلى الشيطان مجازاً لحضوره عندها وإن كان لا فعل له حقيقةً » (١).
قال البغوي : « ليس كلّ ما يراه الإنسان صحيحاً ويجوز تعبيره ، بل الصحيح ما كان من الله يأتيك به ملك الرؤيا من نسخة اُمّ الكتاب ، وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها ، وهي على أنواع : قد تكون من فعل الشيطان يلعب بالإنسان ، أو يريه ما يحزنه ، وله مكائد يحزن بها بني آدم ، كما قال تعالى : ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) (٢) ، ومن لعب الشيطان به الإحتلام الذي يوجب الغُسل ، فلا يكون له تأويل وقد يكون من حديث النفس كما يكون في أمر أو حرفة يرى معشوقه ونحوه ، وقد يكون من مزاج الطبيعة ، كمن غلب عليه الدم يرى الفصد والحجامة والحمرة والرعاف والرياحين والمزامير والنشاط ونحوه.
ومن غلب عليه الصفراء : يرى الناس ، والشمع ، والسراج ، والأشياء الصفر ، والطيران في الهواء ، ونحوه. ومن غلب عليه السوداء : يرى الظلمة ، والسواد ، والأشياء السود ، وصيد الوحش ، والأحوال ، والأموات ، والقبور ، والمواضع
_________________________
(١) بحار الأنوار : ٥٨ / ٢١٣.
(٢) المجادلة ٥٨ : ١٠.