له من وقوعه ، ويناله من الهلع والزمع ما لا ينال غيره ، ومن غلبت عليه السوداء يتخيّل أنّه قد صعد في الهواء وناجته الملائكة ، ويظنّ صحّة ذلك ، حتّى أنّه ربّما اعتقد في نفسه النبوّة ، وأنّ الوحي يأتيه من السماء ، وما أشبه ذلك.
والجهة الثالثة : ألطاف من الله عزّ وجلّ لبعض خلقه من تنبيه وتيسير ، وإعذار وإنذار ، فيلقي في روعه ما ينتج له تخييلات اُمور تدعوه إلى الطاعة والشكر على النعمة ، وتزجره عن المعصية ، وتخوّفه الآخرة ، ويحصل له بها مصلحة ، وزيادة فائدة وفكر يحدث له معرفة.
والجهة الرابعة : أسباب من الشيطان ، ووسوسة يفعلها للإنسان ، يذكره بها اُموراً تحزنه ، وأسباباً تغمّه ، وتطمعه فيها لا يناله ، أو يدعوه إلى ارتكاب محظور يكون فيه عطبه ، أو تخيّل شبهة في دينه يكون منها هلاكه ، وذلك مختصّ بمن عدم التوفيق لعصيانه ، وكثرة تفريطه في طاعات الله سبحانه ، ولن ينجو من باطل المنامات وأحلامها ، إلاّ الأنبياء والأئمّة عليهالسلام ، ومن رسخ في العلم من الصالحين » (١).
وقال السيّد المرتضى رحمهالله ضمن جواب طويل له عن السائل عنه في القول في المنامات أصحيحة هي أم باطلة ، ومن فعل مَن هي ؟ وما وجه صحّتها في الأكثر ؟
قال : « وينبغي أن يقسّم ما يتخيّل النائم أنّه يراه إلى أقسام ثلاثة :
منها : ما يكون من غير سبب يقتضيه ، ولا داع يدعوه إليه إعتقاداً مبتدأ.
_________________________
(١) كنز الفوائد : ٢ / ٦٠. بحار الأنوار : ٥٨ / ٢٠٩.