أمّا أوّلاً فلأنّ الأدلّة الدالّة على وجوب متابعتهم ، وأخذ الأحكام منهم عليهالسلام إنّما تحمل على ما هو المعروف المتكرّر دائماً من الأفراد الشائعة التي ينصرف إليها الإطلاق دون النادرة.
وأمّا ثانياً فلأنّ الرؤيا وإن كانت صادقة فإنّها قد تحتاج إلى تأويل وتفسير ، وهو لا يعرفه ، فالحكم بوجوب العمل بها والحال كذلك مشكل.
وأمّا ثالثاً فلأنّ الأحكام الشرعيّة إنّما بنيت على العلوم الظاهرة لا على العلم بأي وجه اتّفق ، ألا ترى أنّهم عليهالسلام إنّما يحكمون في الدعاوي والبيّنات والأيمان ، وربّما عرفوا المحقّ من المبطل واقعاً ، وربّما عرفوا كفر المنافقين ، وفسق الفاسقين ، ونجاسة بعض الأشياء بعلومهم المختصّة بهم ، إلاّ أنّ الظاهر أنّهم ليسوا مأمورين بالعمل بتلك العلوم في الأحكام الشرعيّة ، بل إنّما يعملون على ظاهر علوم الشريعة ، وقد روى عنه صلىاللهعليهوآله أنّه قال : إنّا نحكم بالظاهر ، والله المتولّي للسرائر »(١).
٦ ـ هل علم التعبير من مختصّات النبيّ والإمام
إنّ من جملة الاُمور الغامضة والصعبة جدّاً هو مسألة تعبير الرؤيا وما يراه النائم ، فقد لا يهتدي إلى ذلك كثير من الناس ، والعلّة في ذلك أنّ علم التعبير من العلوم الإلهيّة التي علّم الله أنبياءه وأوصياءهم بإلهام منه إليهم أو بغير ذلك ممّا خفي علينا.
كما علّم سيّدنا يوسف عليهالسلام لمّا أدخله الملك السجن بإلهام منه عزّ وجلّ.
وقد مرّ عليك الآيات في سورة يوسف قوله تعالى : ( وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ) (٢).
_________________________
(١) مصابيح الأنوار في حلّ مشكلات الأخبار : ٢ / ١٤.
(٢) يوسف ١٢ : ٦.